Pages

Pages

Friday, February 3, 2012

نظم السيطرة الحديثة ووسائلها وتطورها C4I

نظم السيطرة الحديثة ووسائلها وتطورها C4I

نظم القيادة الآلية والسيطرة اللاسلكية ووسائلها وتطورها


أولاً: الحيز الكهرومغناطيسي 
1. أنواع الموجات اللاسلكية

حسب طرق انتشارها، والطول الموجي لها، وتنقسم إلى:

أ. الموجات الأرضية/ السطحية

تنتشر بالقرب من سطح الأرض، وتتأثر بالقدرة التوصيلية للأرض في مسار انتشارها، ويمكن إهمال تأثير الغلاف الجوي على انتشار هذه الموجات.

ب. الموجات الفضائية
تنتشر في الطبقة السفلى من الغلاف الجوي، وتتألف من موجات فضائية مباشرة لا تتأثر بسطح الأرض، وموجات فضائية منعكسة تتأثر بطبيعة الأرض، ونوع التربة عند نقطة انعكاس هذه الموجات.

ج. الموجات المبعثرة

تنتج هذه الموجات، لعدم تجانس طبقة التروبوسفير Tropossfer ؛ إذ يصل قدر ضئيل من الطاقة في اتجاه جهاز الاستقبال، ويتأثر انتشار هذه الموجات بخواص طبقة التروبوسفير من حيث اعتمادها على الحرارة والرطوبة.

د. الموجات السماوية

تنعكس بوساطة طبقات الأيونوسفير، ويمكن إهمال تأثير الأرض، ويتأثر انتشار هذه الموجات بخواص الأيونوسفير، ليلاً ونهاراً، وخلال الفصول المختلفة على مدار السنة، وباختلاف السنوات. الجدول الرقم 1

2. أهمية تأمين الاتصالات اللاسلكية
يُعَدّ من ضروريات الخوض بنجاح في الحروب الحديثة، وجود شبكة اتصالات سريعة الأداء يمكن الاعتماد عليها، لتكون همزة الوصل بين كبار القادة وقواتهم؛ إذ يعي الجنود تماماً، أهمية وجود مثل هذه الشبكة؛ لذلك، تكون شبكات الاتصالات في مقدمة الأهداف التي يهاجمها العدو، وقد تشن الهجمات بهدف تدمير مراكز الاتصالات ذاتها، أو إعاقة البث اللاسلكي لها، والأهم من ذلك، امتلاك العدو القدرة على التصنّت الجيد على الرسائل المتبادلة بين مراكز القيادة والقوات في مسرح العمليات، والعمل على فك رموزها، إن كانت مشفرة، لتكوين صورة لنوايا الخصم وخططه. ولمواجهة هذه التهديدات يستمر تطوير المعدات اللاسلكية الباهظة التكاليف، التي ازداد تعقدها حتى أمكن، حالياً، التوصل بفضلها إلى اتصالات مأمونة لدرجة لم يسبق لها مثيل.

أفرزت التكنولوجيا المتقدمة المستخدمة في شبكات الاتصالات، ذات المستوى العالي من الأمان، أساليب لتطوير قنوات البث آلياً بشكل مبرمج، إضافة إلى عدد من الإجراءات الأخرى للحماية؛ إذ تُعَدّ الاتصالات سلاحاً ساكناً لا غنى عنه، لربط هيئات الأركان والقيادات بالمقاتلين، ولتوجيه الأسلحة ومن يستخدمونها، ولتوارد المعلومات عن مختلف أنشطة العدو، وخططه، ونواياه في الجبهة بصورة شبه مستمرة، فبغير ذلك تصبح هيئات القيادة عاجزة عن أداء مهامها على الوجه الأمثل. الأكثر من ذلك، فإن الوحدات المميكنة الحديثة المقاتلة باتت لا تستطيع العمل من دون الاتصال الدائم بين عناصرها حتى مستوى الأفراد.

يمكن القول، إذن: أن انهيار شبكة الاتصالات لجيش ما، ستجر عليه كارثة مؤكدة على مستوى العمليات الحربية، علماً بأن شبكات الاتصالات في الجيوش، معرضة دائماً للتدمير. ولذلك، تدرب طواقم الدبابات السوفيتية، مثلاً، على الاتصال فيما بينها، مستخدمة إشارات البيارق، وذلك أثناء العمل متقاربين، بينما يدرس الجيش النمساوي، حالياً، إمكانية العودة إلى استخدام الجياد، لتسليم الرسائل، وما زالت بَحريّات العالم تستخدم الإشارات الضوئية للاتصال، حين تعطب أجهزة الراديو اللاسلكي، أو يكون عدم استخدامها ضرورياً، وهذا يوضح حاجة الجيوش الماسة إلى إنشاء نُظُم اتصالات مأمونة، يعتمد عليها، وسريعة الأداء، وتُعَدّ مثل هذه الأنظمة ركناً أساسياً بين الوسائط الدفاعية/ الهجومية للجيوش، ولذلك، ينبغي وضع تطويرها في سلم الأولويات الملحة.

ويؤمل أن تؤمن نُظُم الاتصالات الجديدة، التي يجرى إدخالها إلى الخدمة حالياً، سرعة وسرية تبادل المعلومات في أسوأ الظروف الجوية إلى أن تدخل نُظُم إجراءات الإعاقة على الاتصالات من الجيل المقبل ميدان الخدمة العاملة.

ثانياً: الاستخدام العسكري لنظم الاتصالات

تتيح نُظُم الاتصالات الحديثة بثاً "إرسالاً"، تلغرافياً، وصوتياً، ونقل معلومات يمكن الاعتماد عليها، بشرط استخدام حيز التردد اللاسلكي بالكامل، بدءاً من مجال التردد المنخفض جداً Very Low Frequency: VLF، حتى مجال التردد فوق العالي Ultra High Frequency: UHF، خاصة في زمن السّلم؛ إذ تعمل شبكات الاتصالات بانتظام لخدمة كافة المشتركين، إلاّ أن هذا العمل المنتظم قد لا يستمر هكذا في زمن الحرب؛ إذ إن هناك عدة عوامل تؤدي إلى الإخلال بانتظام العمل؛ فمثلاً، في زمن الحرب يصبح أي نطاق ترددي مناسب من بين سائر نطاقات التردد، بدءاً من الترددات المنخفضة Low Frequency: LF، حتى الترددات العالية High Frequency: HF الشائعة الاستخدام، علماً بأن استعمال نطاقات التردد بشكل عشوائي يسبب مشكلات تداخل البث على نطاق واسع بين المستخدمين، لذا توزع الترددات مركزياً على المستخدمين لتلافي هذا التداخل.

1. نظم الاتصالات العسكرية المعقدة

أدى عدم نجاح نُظم الإجراءات المضادة للأعمال الإلكترونية المعادية ECCM في تأمين الاتصالات اللاسلكية العسكرية ضد التنصت والإعاقة اللاسلكية المعادية، إلى تصميم نُظُم اتصالات عسكرية معقدة، أكثر تقدماً، صُممت طبقاً لأحدث التقنيات، باستخدام المعالجة البيانية للحاسبات الآلية، والتي تتميز بتعقد نُظُمها الإلكترونية، غير أنها عالية النفقات.

وقد بات تصميم نُظُم الاتصالات العسكرية الحديثة يواجه التحديات باستخدام نُظُم مدمجة في غاية التقدم، لخفض احتمال الاعتراض "التنصت" Low Probability Intercept: LPI، فضلاً عن معدات مقاومة الإعاقة Anti Jamming: AJ، وبينما كان تركيب نُظُم للإجراءات المضادة للإجراءات الإلكترونية المعادية ECCM، لا يتم إلا في مراكز الاتصالات الثابتة، أو تلك المركبة على شاحنات، بدأت تظهر، حالياً، أجهزة اتصالات محمولة مزودة بأجهزة ECCM لمقاومة التنصت والإعاقة اللاسلكية المعادية. 








يعتمد تصميم أجهزة ECCM لمقاومة التنصت والإعاقة اللاسلكية على:


أ. تشغيل الأجهزة اللاسلكية، سواء للإرسال، أو للاستقبال، بصورة آلية أثناء الاستخدام في ظروف الإجراءات الإلكترونية المضادة ECM "التنصت، والإعاقة الإلكترونية المعادية".


ب. مضاعفة أنواع العمل، وكذلك حيزات التردد التي يعمل من خلالها الجهاز اللاسلكي في الاستقبال والإرسال.


ج. استخدام تكنولوجيا حديثة للاتصالات، نظراً لما يميز الإرسال اللاسلكي بالأجهزة الحديثة من: "تردد قافز في نطاق ترددي متغير باستمرار، وفي زمن متغير أيضاً باستمرار، وحيز إرسال متغير بآلاف الاحتمالات"، فمن المنتظر أن تشكل هذه الخصائص مهمة صعبة لمصممي هذه الأجهزة، عند تطبيقهم مبدأي مقاومة الإعاقة، ومقاومة التنصت في هذه الأجهزة، وإن كان المختصون، حالياً، لا يركزون إلا على استخدام التردد القافز في أجهزة الإرسال الحديثة، على الرغم من أن هذه التقنية لا توضح تماماً كيفية حماية هذا الإرسال من أعمال التنصت والإعاقة الإلكترونية المعادية".


2. نظم الاتصالات الإلكترونية لمراكز القيادة والسيطرة وتطورها 

حدث تطور هائل في نظم القيادة، والسيطرة، والاتصالات، والحاسبات الآلية، والاستخبارات، Command, Control, Computer, Communication and Intelligence: C4I ،

بغرض ضمان تدفق سيل المعلومات لجميع القادة والقيادات على مختلف المستويات بما يمكنهم من معرفة ما يدور حولهم، وسرعة طلب الدعم النيراني؛ سواء من المدفعية، أو القوات الجوية، إلى جانب ضمان حرية العمل للقيادات، وفي الوقت نفسه العلم بما يدور لدى الجوار، كما تحقق هذه المنظومة آلية السيطرة لسرعة التعامل مع هذا الكم الهائل من الأنظمة الإلكترونية؛ لضمان سرعة رد الفعل المناسب في اتجاهات مختلفة بناء على معلومات فورية من ميادين القتال على عدة جبهات، والتي يطلق عليها أسلوب دمج/ صهر المعلومات. 





3. القيادة والسيطرة باستخدام الأقمار الصناعية

تعتمد معظم دول العالم في تحقيق اتصالاتها؛ سواء المدنية أو العسكرية على استخدام أقمار الاتصالات التجارية الخاصة بها، فضلاً عن شبكة الاتصالات الدولية عبر الأقمار الصناعية، عدا أمريكا وروسيا؛ إذ تعتمد كل منهما في اتصالاتهما العسكرية على شبكة متكاملة من أقمار الاتصالات العسكرية.

وعموماً فإن أقمار الاتصالات تنقسم من حيث الاستخدام إلى:

أ. أقمار الاتصال المدنية: والمتمثلة في:

(1) الأقمار الصناعية الميدانية ثابتة الخدمة، مثل INTELSAT، وعاموس، وARABSAT.

(2) أقمار البث المباشر، مثل: نايل سات.

(3) أقمار الاتصال بالوحدات المتحركة، مثل INMARSAT.

ب. أقمار الاتصالات العسكرية

تتميز أقمار الاتصالات العسكرية باستخدامها لحيز واسع من الترددات، داخل حيز الموجة القصيرة SHF، لتحقيق الاتصال مع المراكز الثابتة والمتحركة، فضلاً عن القواعد البحرية، والقواعد الجوية، كما تتضمن العمل في حيز الترددات فائقة العلو EHF، إضافة إلى الاستخدام الموسع لأنظمة الطيف الموسع، خاصة أسلوب التهجين، والمتضمن الاستخدام المزدوج لكل من: "القفز الترددي، والتتابع المباشر"، ومن أمثلة أقمار الاتصالات العسكرية ما يلي:

(1) منظومة الأقمار الصناعية MILSAT.

(2) شبكة الأقمار الصناعية للقوات الجوية الأمريكية AFSAT COM .

(3) شبكة الأقمار الصناعية لقيادة القوات الأمريكية DSCS.

(4) شبكة الأقمار الصناعية للقوات البحرية الأمريكية FLTSAT COM.

(5) سلسة أقمار كوزموس الروسية.

ج. أقمار الاتصال بالغواصات
من الاستخدامات المهمة والعديدة، للأقمار الصناعية، تحقيق الاتصال مع الغواصات على المستوى الإستراتيجي، باستخدام الليزر؛ إذ ترسل الإشارات، والمعلومات بمعدل إرسال سريع، ويطلق على المنظومة المستخدمة في ذلك SLC. وهي تستخدم أساساً، بغرض استكمال نظم القيادة والسيطرة الآلية، في الاتصال بالغواصات ورفع كفاءتها. ومن الملاحظ أن إشارة الاتصال المستخدمة لشعاع الليزر تتميز بالقدرة على اختراق المياه، وكذلك السرعة العالية في إرسال المعلومات، مما يجعلها ذات أهمية خاصة بالنسبة لشبكة القيادة والتحكم في الغواصات.

4. آلية مراكز القيادة والسيطرة

تمثل مراكز القيادة العنصر الأساسي لنُظُم القيادة والسيطرة، وهذه المراكز لديها القدرة على السيطرة التامة على العناصر المرؤوسة، واتخاذ القرار، مع عدم الاعتماد على المركزية المطلقة. ويتطلب هذا توافر قدر كبير من البيانات والمعلومات اللازمة لتقدير الموقف، واتخاذ القرار في الوقت المناسب. وهذا لا يتأتى إلا بالاعتماد الكبير على الحاسبات الآلية لحفظ، وتداول، ومعالجة المعلومات.

يجب أن تحقق هذه المراكز القدرة على المقاومة الشديدة للعدائيات الإلكترونية، مع القدرة الذاتية على تقليل التداخل الكهرومغناطيسي، سواء الناتج من المعدات المنتشرة في أرض المعركة، أو بين معدات الاتصال المختلفة، مع إمكانية العمل تحت ظروف استخدام الخصم السلاح النووي، وأسلحة التدمير الشامل، مع استمرار السيطرة على الوحدات المرؤوسة، وكذلك مقاومة الحاسبات الآلية للإشعاع باستخدام الدوائر الإلكترونية الصلبة Hardened التي تقاوم الإشعاعات النووية.

ومن أهم التطورات التي تساعد على سهولة العمل وعرض المواقف، واتخاذ القرارات بل وإرسال المعلومات إلى المرؤوسين والوحدات الفرعية، وسائل العرض الحديثة التي تستخدم أسلوب عرض الموقف القتالي محدثاً آلياً عن الوحدات والأسلحة المختلفة؛ إذ ترسل الأوامر مباشرة من خلال شاشة العرض الكبيرة Large Screen Display، مع صورة كاملة لموقف العمليات إلى كافة المستويات المطلوبة


ثالثاً: دور الحاسبات الآلية في نظم القيادة والسيطرة الحديثة

يُعَدّ عنصر القيادة والسيطرة أهم عنصر في المعركة الحديثة، وفي الوقت نفسه، يصبح، دائماً، أصعب المشكلات التي يمكن التحكم فيها، ويرجع ذلك إلى التطورات التكنولوجية الحديثة التي تحققت في مجال الحرب الإلكترونية. وتعرف رئاسة هيئة الأركان المشتركة للقوات الأمريكية دور برنامج القيادة والسيطرة بأنه: "قيام القيادة بإنجاز أعمال التخطيط والإدارة والتنسيق والسيطرة على القوات والعمليات من خلال الاعتماد على تنظيم معين من الأفراد والمعدات وشبكات الاتصال والمرافق والإجراءات". وتتم إدارة أعمال الحرب الحديثة والسيطرة على عمليات القتال، وفق نُظُم متطورة، لجمع ورصد المعلومات عن الأهداف ورصدها وتحليلها والتعامل معها، وهذه النظم تضم الحاسبات الآلية، والمستشعرات، ونظم التوجيه الدقيق، وللحاسبات الآلية فضل كبير في مجال تكنولوجيا الاتصال لتحقيق القيادة والسيطرة على مسرح العمليات؛ إذ تستخدم هذه الحاسبات في شبكات نقل البيانات والمعلومات من الوحدات الصغرى إلى قيادة التشكيلات، بحيث يمكن للقيادات تعرف المواقف بشكل دقيق وسريع لإصدار القرارات الفورية، بما يتناسب مع المواقف فيما ما يطلق عليه "شبكة الاتصالات الآلية للقيادة والسيطرة". ومن خلال شبكة القيادة والسيطرة التكتيكية يخزن كل قائد ميداني المعلومات المتوافرة لديه عن وحدته وتفاصيل استعداداتها، ومعداتها، ومخزوناتها، واحتياجاتها، ليستطيع القائد في أي وقت معرفة الحالة الحقيقية لأي وحدة. وبعض البرامج تمكن القيادات من معرفة الحالات الحرجة للوحدات من خلال قيام الحاسبات الآلية بشكل آلي بلفت نظر القادة للوحدات التي تواجه مواقف حرجة.

يعتمد نجاح نظم القيادة والسيطرة على اكتساب ثقة القيادة في هذه النظم، ولا يتم ذلك إلا بمرونة أنظمة الحاسبات الآلية وقابليتها لتلبية مئات الواجبات الجانبية الأخرى، بل وإمكانية تفاهمها مع وسائل الاتصال والسيطرة وتخزين المعلومات؛ إذ إن الأجيال الحديثة من نُظُم القيادة والسيطرة تكون قادرة على تنفيذ عدد من الوظائف الجانبية، لا تقل أهمية عن المهام الرئيسية مثل:

-التحديث شبه الفوري للمعلومات عن قوات الخصم وقياداته ومتابعة نشاطها، والشيء نفسه بالنسبة للقوات الصديقة.

- تقويم الخسائر من جانب القوات الصديقة.

-توفير أي بيانات إحصائية تساعد في أعمال الإشراف والإمداد والشؤون الإدارية.

1. نظم الحاسبات الآلية لمراكز القيادة والسيطرة الآلية وتطورها
حدث تطور في استخدام الجيل الخامس من الحاسبات الآلية؛ التي تستخدم الذكاء الاصطناعيArtificial Intelligence، والجيل السادس منها الذي يستخدم الشبكات العصبية Neural Networks؛ إذ يأخذ الحاسب قراراً طبقاً للخبرة السابقة، حتى ولم تعط له قواعد أو هوامش مسبقة، وهو خطوة على سبيل تحقيق الذكاء الإنساني للحاسبات، وهذا الاتجاه الجديد بالغ السرية وتعمل فيه كل من أمريكا واليابان فقط، ولم يصرح عنه إلا في 1987 برغم وجود هذه التكنولوجيا في أنظمة أمريكية استخدمت في حرب تحرير الكويت، هذا علاوة على التطوير في استخدام الإنسان الآلي Robots.

والتطور المذهل في سرعة رد فعل الحاسبات وقدرة استيعابها، التي تنعكس بدورها على قدرة أنظمة القيادة والسيطرة، مثلاً في تطوير أسلوب اتخاذ القرار لضابط العمليات أثناء الهجوم؛ إذ تقوّم الحاسبات الآلية، التي تستخدم أحدث برمجة جاهزة Software، الموقف، ثم توصي باستخدام قوات/ سلاح معين واضعة في الحسبان كل العوامل، والإمكانات المؤثرة، والمتاحة للقائد المناط به اتخاذ القرار.

يعدّ الاستمرار في التطوير، للوصول إلى الآلية الكاملة، وتحقيق ذلك في الوقت الحقيقي Real-Time، الشغل الشاغل لمصممي الأنظمة الحديثة؛ إذ تحقق الأنظمة الآلية من نوع ADDS، التي تستخدم لتوزيع البيانات، والمعلومات، لمتطلبات إرسال واستقبال كمية هائلة من المعلومات والبيانات، في ميدان القتال في الوقت الحقيقي.

هناك العديد من البرامج لتجميع كل أنظمة القيادة والسيطرة الآلية وتكاملها، وتحقيق إمكانية العمل، والموائمة بينها، سواء على المستوى القومي لكل دولة من دول حلف شمال الأطلسي، أو على مستوى كل الدول المتحالفة مع بعضها، خاصة في مجال المعلومات، والمخابرات، والإنذار؛ إذ بموجب هذه البرامج، مثل البرنامج الأمريكي من نوع JINTACCS، تصمم أنماط قياسية معينة Standards، وأسلوب موحد للاستخدام، والتعاون بين هذه الأنظمة، مثل توحيد المفاهيم، والاصطلاحات لكلمة معينة، أو توحيد شكل الرسالة وطولها Message Format واللغة المستخدمة، ووصلات نقل المعلومات التكتيكية Tactical Data Link، والإجراءات التي بموجبها يعدل كل فرع، أو سلاح، من مركز القيادة والسيطرة الخاص به، ليتواءم مع الأنظمة الأخرى. وجدير بالذكر أن نوعية البرمجة الجاهزة Soft Ware، تحدد، إلى حد كبير، مدى كفاءة مراكز القيادة والسيطرة الآلية.

وسعياً لتحقيق الاستمرار والبقاء لمراكز القيادة والسيطرة الآلية، تحت مختلف الظروف، بما فيها الضربة النووية، ظهرت نظم القيادة والسيطرة المحمولة جواً، مثل نظام القيادة والسيطرة والإنذار المحمول جواً Awacs، والمركب في الطائرة Sentry E-3 التي يطلق عليها اسم "الديدبان"، ونظام القيادة والسيطرة المحمول جواً E2-C، والمركب في الطائرة C-130... الخ.

ولتطوير دقة تحديد الإحداثيات للأهداف والقوات والمعدات المتحركة "خطوط الطول وخطوط العرض والارتفاع"، حتى 16 متراً والسرعة حتى متر واحد/ ثانية، ولزمن حتى 100 نانو ثانية بوساطة نظام الملاحة وتحديد الإحداثي والوقت بالأقمار الصناعية Navistar Global Positioning System.

2. نظم القيادة والسيطرة الحديثة
كان لنتائج حرب الخليج الثانية الأثر الأكبر في تحقيق ثورة في تكنولوجيا التسليح العالمي تتجاوز أبعاد ما حدث بعد حرب أكتوبر 1973؛ إذ تحولت الصحراء، والمياه، والأجواء في منطقة الخليج إلى حقل ميداني لاختبار فعالية ما تحويه الترسانتين الأمريكية والغربية من نظم تسليح متطورة، وهي نُظُم خصصت لتطويرها مئات المليارات من مخصصات ميزانيات الدفاع في هذه الدول على مدى العقدين الماضيين، إلا أن الاختبار الأول لفعاليتها قد تحددت نتائجه في ضوء ما أسفرت عنه حرب الخليج الثانية؛ إذ ثبت أن النصر في الحرب الحديثة يكون في جانب الطرف الذي لديه حرية (قدرة كبيرة) على تدفق المعلومات.

وقد حظيت نظم القيادة والسيطرة الحديثة، التي لا يزال بعضها في مرحلة التجارب بفرصة لا تعوض للعمل الميداني؛ إذ إن الحرب الحقيقية هي التي تقوّم نظم القيادة، والسيطرة، والاتصالات بين القوات المختلفة، الجوية، والبحرية، والبرية، هذا التقويم الحقيقي الذي يفوق كل أساليب التقويم والاختبار التي تضعها الشركات المنتجة لهذه النظم؛ سواء في المعامل أو في التجارب الميدانية المحدودة.

ومن بين نظم القيادة والسيطرة التكتيكية الحديثة، التي اشتركت في حرب الخليج الثانية، النظام الأمريكي Joint and Surveillance Tactical Attack Radar System: JSTARS المحمول على طائرة من نوع
E-8A، ونظام Rapidly Command and Control RADIC الأمريكي، ونظام ORCHICDEE الفرنسي المحمول على طائرة عمودية من نوع "سوبر بوما".

أداء هذه النُظُم في حرب الخليج الثانية وفر على الشركات المنتجة مجهود الدعاية وتكاليفها، وأتاح لها الفرصة لتطوير نظمها، وتعديلها، للتغلب على أي مشكلات ثبت وجودها في ميدان القتال الحقيقي المزدحم بكل ما أنتجه العالم من وسائل القتال والدمار.

أ. نظام القيادة والسيطرة المحمول جواً JSTARS
استخدمت الولايات المتحدة في حرب الخليج الثانية، نظام القيادة والسيطرة التكتيكي JSTARS المحمول على طائرة E-8A التي أطلق عليها اسم "جوينت ستارز" Joint Stars. وهذا النظام مشروع مشترك بين القوات الجوية والجيش الأمريكي بدأ العمل فيه في1985، وقدرت تكاليف المرحلة الأولى منه بحوالي 850 مليون دولار. وعلى الرغم من أن نظام JSTARS قد تم تطويره، أساساً، لصالح القوات الجوية الأمريكية والجيش الأمريكي، إلاّ إنه سيؤدي دوراً كبيراً في معاونة القوات البرية، من خلال مراقبة تحركات القوات المعادية من الجنود والتشكيلات المدرعة في العمق، وخلف خطوط القتال، وتحديد الأهداف التي يتم إصابتها بنظم المدفعية الصاروخية.

طائرة "جوينت ستارز" Joint Stars طائرة "بوينج ـ 707"، مجهزة بمعدات رادار واتصالات متطورة للقيام بمهام المراقبة الأرضية من الجو: "طائرات الأواكس تستخدم للعمليات الجوية فقط"، ويمكنها العمل إحدى عشرة ساعة متواصلة أو أكثر، بفضل إمكانية تزودها بالوقود في الجو. وتستطيع الطائرة رصد الأهداف البرية الصغيرة مثل؛ المركبات المدرعة، أو مواقع الرادار، وتحدد للقوات الصديقة أسلوب التعامل مع الأهداف المعادية.

ويجمع رادار الطائرة المعلومات، ثم تحللها الحاسبات، وتحدد الأهداف على الشاشات المخصصة لها، لنقلها إلى القادة في الميدان عن طريق محطات أرضية متحركة لتستخدم هذه المعلومات في توجيه ضربات جوية أو برية في خلال دقائق من اكتشافها. وكذلك تنقل المعلومات من النظام إلى المدفعية الصاروخية.

وقد استخدمت القوات الأمريكية في حرب الخليج الثانية، نظام JSTARS بالتعامل مع أحدث نظام صواريخ تكتيكية، وهو الصاروخ Army Tactical Missile System: ATACMS الذي يُطلق من قاذف النظام الصاروخي المتعدد MLRS نفسه، واستخدم، للمرة الأولى، لتجربته عملياً ضمن النُظُم المتعددة التي استخدمت لهذا الغرض.

ب. نظام القيادة والسيطرة الأمريكي RADIC المحمول جواً

نقل سلاح الجو الأمريكي نظم القيادة والسيطرة السريعة Rapidly Command and Control من نوع RADIC إلى المملكة العربية السعودية. ويستقبل هذا النظام المعلومات من الطائرات الحربية، وطائرات الإنذار المبكر، ثم تنقل هذه المعلومات إلى بطاريات الدفاع الجوي، ومواقع الرادار، والطائرات، والقوات البحرية، والقوات البرية.

تستطيع الجهات التي تتعامل مع النظام إضافة أي معلومات إلى الشبكة، وكذلك حذف أية معلومات. وكل ذلك يتم في الوقت الحقيقيReal Time ، ويتألف نظام RADIC الذي نقل إلى الخليج من ثلاث شبكات، وكل شبكة وحدة تعمل بقدرتها الذاتية، ويمكن لأية وحدة مقاتلة لديها أجهزة لاسلكية تستخدم موجتيHF أو UHF، ولديها وحدة حل الشفرة الخاصة بالنظام، التعامل مع النظام، وأخذ ما تحتاج إليه من معلومات.

ج. نظام القيادة والسيطرة الفرنسي ORCHICDEE المحمول جواً

استخدمت القوات الفرنسية في حرب الخليج الثانية، أحدث نُظُم الكشف المحمولة جواً، الذي يطلق عليه اسم ORCHICDEE، وذلك لاختباره عملياً، للمرة الأولى، في ميدان القتال الحقيقي، ولمراقبة ميدان المعركة. ويتكون النظام من رادار محمول جواً من نوع AS-332، على الطائرات العمودية "سوبر بوما"، للمراقبة الأرضية، ومعدات اتصال ونقل معلومات لمراكز القيادة الأرضية أو للطائرات العمودية الصديقة في ميدان المعركة.

يحقق النظام كشف تحركات القوات المعادية ومراقبتها، بعمق حتى 100 كم داخل أراضيها، إضافة إلى إمكانية استخدامه في أعمال القيادة والسيطرة على أعمال الطائرات العمودية المسلحة. ويعمل النظام على ارتفاع يتراوح بين 200 و4 آلاف متر. ويصل مدى كشف الرادار حتى 120 كم، ويمكن طي "ضم" الهوائي أسفل ذيل الطائرات أثناء عمليتي الإقلاع والهبوط، ويحقق الهوائي الكشف الدائري في جميع الاتجاهات. وقد بدأ تطوير هذا النظام في 1986، وتمت أعمال التجارب والاختبارات في 1990 في غربي أوروبا، تمهيداً لاستخدامه مع القوات المشتركة في حلف شمال الأطلسي
 

3. التطور في الأنظمة اللاسلكية

أ. تقنية الطيف القفز الترددي
تعدّ تقنية استخدام الطيف القفز الترددي F.H في الاتصالات، جديدة نسبياً، وهي لا تستخدم تردداً واحداً لبث الرسائل، بل عدة ترددات موزعة على نطاق ترددي واسع تنتقى عشوائياً، وتشمل تقنية "الطيف المنفلت" أنماط بث عدة أهمها: "البث القافز، والبث في فترات متغيرة بتردد متغير النغم يطلق عليه "النظام المنغم بالزقزقة" CHIRPING
، والبث بمزيج من تلك الأنماط".

لكن تقنية البث القافز باستخدام "الطيف القفز الترددي" هي الأكثر استخداماً وتتضمن بث التغيير عشوائياً من طريق شفرة خاصة، تتولد آلياً داخل جهاز البث، والمحطة المستقبلة في الوقت نفسه، وتتطلب تقنية البث القافز القدرة على التحكم في توقيت دقيق متزامن لعمل كل من أجهزة البث والاستقبال. وتتم في الواقع عمليات التوقيت الدقيق من خلال مقياس معياري يستخدمه المستخدم العسكري لقياس فعالية أجهزة التردد القافز وجودتها، وباستطاعة أي مرسل، أو مستقبل ضمن هذه الشبكة، أو الشبكات، أن يعمل، إما لمراقبة البث، أو مركزاً لتقوية البث، وهذه الميزة تجعل نظام الاتصالات فائق الفاعلية، وذو حظ أوفر في البقاء، فحين يدمر العدو أحد المراكز يتولى مركز آخر، آلياً، سد الفراغ، فيؤدي مهام المركز المدمر.

ويتركز التطور المنتظر في هذا المجال في زيادة سرعة التغير للترددات القافزة، وبما أن عمال تشغيل أجهزة تشويش العدو يجهلون عادة حيز التردد القافز، وكيفية تتابع البث عند الخصم، تصبح حماية البث مؤمنة لدرجة كبيرة، ولكن ذلك، لن يتحقق إلا إذا كان معدل قفز التردد، أسرع من طاقة أجهزة استقبال معدات الإجراءات الإلكترونية المضادة الخاصة بمعدات الإعاقة Electronic Counter Measures: ECM التي لا تستطيع، آنذاك، تتبع الإشارة المرسلة في أثناء حركتها خلال مشع الطيف الترددي أو الزمني. لذلك، يلزم أن ينفلت البث على أوسع نطاق ترددي ممكن، بحيث تصبح الإعاقة عليه غير ذات جدوى؛ إذ من المعروف أن الإعاقة على البث المعادي أمر صعب، ولكنه غير مستحيل، ويعتمد في نجاحه على ثلاثة أمور أساسية: "بعد جهاز الإعاقة عن مركز البث، وعرض نطاق التردد المستخدم للبث الذي ينبغي الإعاقة عليه، وأخيراً، طاقة جهاز الإعاقة.

بمجرد ارتياب العدو في أن الخصم يستخدم تقنيات بث منفلتة، فإنه يضطر إلى توزيع طاقة أجهزة الإعاقة لديه، لتشمل حيزات تردد أوسع من التي يعتقد أن الخصم يستخدمها في بثه "القافز"، لأن حيزات التردد المستخدمة في البث القافز تختارها أجهزة البث الحديثة آلياً، بشكل عشوائي، وهكذا تنخفض قدرة الإعاقة آلاف المرات فتفقد فعاليتها.

ب. نظم ذات احتمالية التقاط منخفضة Low Probability Intercept 
وتعني أنها نظم ذات احتمالية تنصت منخفضة؛ إذ يمكن دعمها باستخدام تقنية التشفير Ciphering، وعلى أية حال، بات التشفير من الضروريات، لأنه لا يمكن لأية جهة أن تتنبأ بنوعية معدات الخصم وقدراته لشن الحرب الإلكترونية المضادة "الإعاقة الإلكترونية". ولذلك، فمن أجل أمن الاتصالات، يفترض، دائماً، أن لدى الخصم القدرة على تتبع إشارات البث، ومن ثم، يحرص مصممو معدات الإجراءات المعاكسة للحرب الإلكترونية المضادة ECCM، على أن يكون عدد قفزات البث فيها أكبر، ولو بقفزة واحدة One hop، عن أفضل معدات الإجراءات الإلكترونية المضادة ECM، أو معدات الدعم الإلكتروني التنصت/ الاستطلاع الإلكتروني ESM المحتمل، وجودها لدى الخصم، لحرمانه من الإعاقة والتنصت عليها. وتجدر الإشارة، في هذا السياق، إلى أن معدل الترددات القافزة تحدده سرعة أداء جهاز التردد المعياري Synthesizer، الذي يولد حيزات التردد في جهاز البث، إضافة إلى طريقة تصميم جهاز التناغم في الهوائي.

ج. نظم الاتصال من طريق ظاهرة الشهب Meteor Burst Communication

يقدر عدد الشهب، الصغيرة والكبيرة التي تدخل جو الأرض، يومياً، بما يتراوح بين 1.5 و2 بليون وحدة، وهي حين تحترق توفر "ممراً طويلاً" من الغازات المتأينة، تمتد على مسافات تتراوح بين 10 و15 ميلاً، وتبقى مكثفة لفترة عدة مئات من الجزء من الألف من الثانية، وباستطاعة هذه الممرات عكس البث اللاسلكي، تماماً كالمرآة على مساحة في حدود 20 ميلاً طولاً، و5 أميال عرضاً. وقد أكدت الأبحاث أن الحد الأقصى لاستمرار بعض هذه "الممرات" المتأينة لا تتعدّى 20 ثانية، قبل أن يتلاشى وتتوقف فترة بقاء "الممر" متأيناً بشكل مركز بعد احتراق الشهب على المناخ وحالة الطقس والمنطقة التي تستخدم فيها نُظُم الاتصال الطيفي من طريق الشهب.

أما كيفية الاتصال نفسها، فبسيطة؛ إذ تبث إحدى محطات البث VHF إشارات اختيارية على زاوية معينة بين الأفق والسمت Zenith، في اتجاه المناطق الصديقة، وتحدد الزاوية المختارة المسافة التي على الإشارة قطعها قبل التلاشي، وهنا، يُعَدّ جو منطقة الغازات المتأينة مرآة تنعكس عليها الإشارات وتلتقط مراكز الالتقاط في منطقة الاستقبال الإشارات الواردة، وقد دلّت التجارب على أنه يمكن تسجيل ما بين 70 و100 كلمة في الدقيقة باستخدام خصائص "الممر المتأين" المعروف، علمياً، باسم "بصمة القدم" Foot Print.

أما الاعتراض الوحيد على استخدام طريقة البث باستخدام "الممر المتأين أي من طريق الشهب، فهو أن دخول هذه الأخيرة إلى الغلاف الجوي، ومن ثم الاحتراق وتوليد "الممر المتأين"، قد لا يحدث حين تدعو الحاجة الملحة إليه، وعلى الرغم من أن فترة الانتظار القصوى لحدوث التأين في الجو لا تتعدى العشرين ثانية، على الأكثر، فإن هذه الفترة، على قصرها، لا تناسب المتطلبات العسكرية، ولكن إذا آل الحال إلى توقف شبه كامل لشبكة الاتصالات من جراء الإجراءات الإلكترونية المضادة ECM، فحتى لو بلغت فترة الانتظار دقيقة كاملة عند الاتصال من طريق "الظاهرة الشهبية" فهذا أفضل للتأكد من وصول الرسائل الحيوية من الوحدات المقاتلة في الخطوط الأمامية وإليها. وهكذا يتوقع أن يصبح لنظام الاتصال من طريـق "الظاهرة الشهبية" الداعم الرئيسي في نظام اتصالات فاعل قد لا يتأثر بالإجراءات الإلكترونية المضادة: التنصت، والإعاقة الإلكترونية ECM.

إلا أن بعض الجيوش المتقدمة تستخدم بالفعل شبكات اتصالات ميدانية متعددة أساليب البث والاستقبال؛ إذ تستخدم فيها معدات تقاوم الإعاقة، كما تستخدم الموجات المنمنمة "المتناهية في الصغر"، والألياف البصرية "الضوئية"، ووصلات المعلومات المتقدمة.

وبما أن هذه الشبكات ليست ملائمة لحرب تمتد على مساحات واسعة، ونظراً إلى المشكلات المعقدة المتصلة بمعدات الاتصال من طريق "الظاهرة الشهبية"، فقد يدفع ذلك مستخدمي هذه الشبكات إلى الاعتماد، مرة أخرى، على معدات الاتصالات VHF وHF التقليدية.

د. دور "الظاهرة الشهبية" في تأمين الاتصالات

أما فيما يتعلق بمقاومة الإعاقة وخفض احتمالات الاعتراض "التنصت"، فاستخدام "الظاهرة الشهبية" للاتصالات يوفر فرص نجاح لم يسبق لها مثيل في هذا المجال؛ إذ إن تعدد قنوات الاتصال واستحالة تحديد مكان تولد "الممر المتأين" يجعلان احتمالات النجاح في الإعاقة على البث ضعيفة للغاية، ولكن البث من طريق "الظاهرة الشهبية" يتطلب إنشاء شبكة متخصصة، ومكثفة العدد من حيث معدات البث والاستقبال لمراقبة الجو، تكون على اتصال دائم، بمختلف مراكزها من طريق وصلات المعلومات، أو الكابلات، أو الاتصال اللاسلكي، وذلك نظراً إلى تعدد قنوات البث، واستحالة توقع مكان حدوث "الممر المتأين" في مناطق واسعة من الجو. وقد أصبحت مثل هذه الشبكات جزءاً لا يتجزأ من نُظُم الاتصالات الشاملة في الجيوش الحديثة.

وفي حال اكتشاف منطقة "ممر متأين" ضمن نطاق عمل الشبكة، ترسل المعلومات "البيانات" التي تحدد مكانه في الجو إلى كافة محطات الإرسال التي تكون في حاجة إليه، كما تخطر محطات الاستقبال المعنية بذلك، وبما أن مقاومة الإعاقة، مضمونة من بداية البث حتى الاستقبال ضمن الشبكات البعيدة عن الجبهة، يصبح من الممكن الإعاقة على البث وحتى اعتراضه داخل الشبكة، إذا كانت قريبة من مسرح القتال. ولذلك، يستخدم البث من طريق "الظاهرة الشهبية" في المناطق الخلفية؛ إذ يصل بشكل آمن إلى مراكز الاستقبال. وتستخدم شبكات الاتصال هذه بنجاح ومن دون إشكالات رئيسية حتى مسافات تصل إلى 25 ميلاً بين مراكز البث والاستقبال وهو متوسط طول "الممر المتأين" أو بصمة القدم
 

هـ. تطور الاتصالات في حيز التردد العالي

على الرغم من عيوب الاتصالات بالموجات القصيرة، فإنها لا تزال أكثرها مرونة، وأقلها تكلفة، لتحقيق اتصالات، قصيرة، ومتوسطة، وبعيدة المدى. ومعظم أنواع الأجهزة اللاسلكية في حيز الموجات القصيرة لا تقاوم الإعاقة، وصعبة الاستعمال، وذات معدل إرسال مدلولات بطيء.

وخلال عقد الثمانينيات من القرن العشرين الميلادي، أحرز تقدم ملموس لتحسين الاتصالات بالموجات القصيرة بالتغلب على العيوب المذكورة، ومن بين التعديلات التي نفذت استخدام الإشارات الرقمية، والقفز الترددي، إضافة إلى استخدام وحدات تعديل، وكشف Modems، والتحكم بالمشغل الدقيق Microprocessor Control، إنشاء محور اتصال لاسلكي تردد عالي: 



(1) إقامة اتجاه لاسلكي أوتوماتيكياً Automatic Link Establishment. ففي الماضي كان إنشاء مواصلة لاسلكية في حيز التردد العالي يتطلب مهارة عالية للمستخدم، وكذلك استخدام منحنيات "جداول" انتشار الموجات، للوصول إلى أفضل تردد لتحقيق مواصلة لاسلكية في توقيت معين، وتتيح خاصية إقامة المواصلة اللاسلكية في هذا الحيز من الترددات؛ لأنها تختار، تلقائياً، أفضل تردد، وتحدد مدى مناسبة قناة الاتصال، وتنشئ المواصلة تبعاً لذلك.

(2) تحليل جودة الاتصال Link Quality Analyses LQA، بصفة مستمرة، بإرسال إشارات اختبار، وقياس جودة الاتصال، ويحول، أوتوماتيكياً، الاتصال إلى القناة الأفضل، عند ضعف قناة الاتصال.

و. تطور الاتصالات في حيز التردد العالي جداً
انتشر استخدام أجهزة التردد العالي جداً ذات القفز الترددي، واستُخدم بعضها، مؤخراً، في حرب الخليج الثانية، وبعض هذه الأجهزة تستخدم جزء أمن الحيز الترددي المتيسر للجهاز في القفز داخل الحيز الترددي المخصص للجهاز بأكمله، ومعظم الأجهزة مجهزة بإمكانية تشفير المعلومات، سواء باستخدام وحدة إضافية Add-on Code، أو وحدات داخلية Built- in، وأسرع هذه الأجهزة في معدل القفز يصل، تقريباً، إلى ألفي قفزة كل ثانية، وعلى الرغم من بعض المشكلات في تخصيص الترددات للشبكات والاتجاهات، ومواجهة الإعاقة على حيز عريض، والإعاقة بتتبع الإشارة Jamming Follower، فقد أظهرت أجهزة القفز الترددي نجاحاً كبيراً في ظروف المعركة الحديثة.

وبظهور التقنيات الرقمية الجديدة، فإن الأجيال الجديدة من أجهزة القفز الترددي، تتيح مزايا إضافية، مثل مرونة التشغيل، وارتفاع درجة الكفاءة، وارتفاع معدل المدلولات "البيانات"، وسرعة معالجة الإشارات الرقمية، وفي بعض الأجهزة الحديثة تتيح إمكانية إعطاء الأولوية لمكالمات واتصالات القادة.

ز. التطور في أجهزة الاتصالات اللاسلكية

إن أهم ملامح أجيال أجهزة الاتصالات اللاسلكية الحديثة، والمقبلة، هو زيادة نسبة استخدام المكونات التي تتعامل مع الإشارات الرقمية "مكونات رقمية" على حساب المكونات التماثلية المستخدمة في بناء هذه الأجهزة. ومن المتوقع الوصول إلى بناء الجهاز الرقمي الكامل، كما ينتظر أن يسفر هذا التطور في تكنولوجيا تصميم الأجهزة اللاسلكية عن طفرة كبيرة في الاتصالات اللاسلكية يمكن أن تقارن بالطفرة التي حدثت في مجال المعلومات، والحاسبات، التي واكبت الانتقال من الحاسبات التماثلية Analog Computers إلى الحاسبات الرقمية Digital Computers.

وضعت نظرية الاتصالات الرقمية 1948، عندما توصل علماء الاتصالات إلى أنه يمكن التعبير عن الإشارات التماثلية "المستمرة في الزمن، وقيمة الإشارة" بوساطة إشارات محددة في الزمن، والقيمة، وإمكان استرجاع المعلومات التماثلية منها. وأهم مميزات الاتصالات الرقمية ما يلي:

(1) إمكانية تكويد الإشارات، مما سهل عملية تصحيح الأخطاء الحادثة بسبب الشوشرة في قنوات الاتصال.

(2) إمكانية التشفير الرقمي، وما يوفره من مستوى سرية مرتفع، بالمقارنة بالتشفير التناظري.

(3) إمكانية أفضل في استرجاع الإشارات.

(4) إمكانية أفضل في تمييز الأصوات.

(5) سهولة بناء أنظمة اتصالات مقاومة للإعاقة، مثل الطيف المنتشر "الموسَّع" Spread Spectrum.

(6) سهولة تداول الإشارات؛ إذ إن سيل المدلولات الرقمية، يمكن أن يتقابل مباشرة وبسهولة مع العديد من الشبكات وقنوات الترنك، وتبديل الحزم Packet Switching باستخدام أساليب تخزين المعلومات وتدفقها.

وللحصول على أكبر فائدة ممكنة من الاتصالات الرقمية، يجب تصميم، باقي أجزاء أجهزة الاتصالات، لتناسب التعامل مع الإشارات الرقمية مثل:

(1) مخلقات الترددات الرقمية.

(2) المعدلات الرقمية.

(3) المرشحات الرقمية.

(4) دوائر التوليف، والاختيارية سريعة الاستجابة.

ح. تقويم التقنيات الجديدة

يتضح مما تقدم، أن هذه التقنيات الجديدة أتاحت مقاومة الإعاقة، وخفضت من احتمالات الاعتراض، ولم يكن ذلك متيسراً من قبل، إلا أن لهذه التقنيات عيباً أساسياً، وهو أن شبكات الاتصالات التي تستخدمها لاستطاع بعضها الاتصال ببعض، إلا من خلال جهاز خاص لتحقيق هذا الاتصال.

ومن المعلوم أنه تم تطوير مجموعة من نُظُم الاتصالات العاملة بالتردد القافز على نطاقات ترددات منفلتة، ولكنها مختلفة الأنماط ولا يمكن أن تتصل ببعضها؛ إذ إن معدل التردد القافز يتغير من شبكة إلى أخرى، كما أن زمن التردد ونمطه مختلفان.

وعلى أية حال، يتوقع أن تبرز مشكلات معقدة للاتصالات بين الحلفاء، وحتى بين مختلف أقسام القوات المسلحة في البلد الواحد، فسلاح الجو الأمريكي، مثلاً، يستخدم نظام بث المعلومات التكتيكي المشترك JTIDS، بينما تستخدم البحرية النظام الوطني لبث المعلومات التكتيكية NTDS، وكلاهما غير متلائم للعمل مباشرة مع الآخر، ولوصلهما ينبغي تأمين معدات بينية معقدة. ويعتقد أن أمر الاتصالات سيتعقد أكثر فأكثر، حين يعم استخدام نُظُم الاتصالات التي تعمل على حيزات التردد القافز في كافة فروع القوات المسلحة الأمريكية. وقد يضطر هذا التعقيد مستخدمي، أكثر نُظُم الاتصالات تقدماً، إلى ضرورة العودة إلى أسلوب التردد الثابت التقليدي تعديل التردد Frequency Modulation: FM، تعديل السعة Amplitude Modulation: AM، إذا ما اضطروا إلى استخدام معدات قديمة عن تلك المعتمدة في العتاد المتقدم.

ويتوقع المختصون أن يبلغ الارتباك ذروته في كيفية استخدام موجات الأثير بشكل أساسي في العِقد المقبل؛ إذ إن هذا الارتباك، في حد ذاته، في رأى الخبراء، يمثل الإجراء المعاكس الأفضل من بين الإجراءات الإلكترونية المضادة لمقاومة الإعاقة، والتنصت اللاسلكي.

ط. تطبيقات استخدام التقنيات الجديدة ومجالاته

بينما تقدمت الأبحاث في عدة مجالات، تم ذكر بعضها، فإن التقنيات الجديدة، والأساليب الحديثة يتم تطبيقها فعلاً، في بعض أجيال أجهزة الاتصالات الحديثة، ومن أكثر الأنظمة طموحاً، الجهاز اللاسلكي المزمع إنتاجه للقوات المسلحة الخاصة الأمريكية، والذي يطلق عليه اسم Joint Advanced Special Operation Radio-System: JASORS ، وينتظر أن تفجر الأفكار التي ستنفذ في هذا الجهاز ثورة في أجهزة الاتصالات التكتيكية على جميع المستويات مستقبلاً. ومنها الجهاز الأمريكي المنتج حديثاً وبياناته كالآتي:

(1) أحد أجهزة الاتصال الحديثة التي يستخدم فيها تقنيات وأساليب حديثة، تؤمن الاتصال. وعلى الرغم من السرية المفروضة، حول برنامج إنتاج هذا الجهاز، فإن المعلومات المتسربة عنه تكشف النقاب عن الملامح الرئيسية لهذا المشروع.

(2) فقد وقع عقد بمبلغ 48 مليون دولار، بين الجيش الأمريكي، وإحدى الشركات لتمويل مرحلة الأبحاث في أكتوبر 1990، ويعتقد أنه قد تمت اختبارات الجيش الأمريكي على الجهاز في 1995، أما المواصفات الرئيسية للجهاز فهي:

(أ) الحيز الترددي: تردد عالٍ ـ عالٍ جداً ـ تردد فوق العالي.

(ب) أنواع العمل: هاتف ـ مدلولات رقمية ـ نقل الصور المتحركة "فيديو".

(ج) أنواع التعديل: تعديل سعة في حيز الترددات فوق العالية ـ تعديل تردد في حيز الترددات العالية جداً.

(د) تعديل سعة حيز جانبي مفرد في حيز الترددات العالية.

(هـ) سهولة الإصلاح؛ إذ إن الجهاز مكون من وحدات يسهل استبدالها.

(و) ينتج الجهاز في عدة أشكال منها الخفيف الذي يمكن حمله باليد 18كجم، والمحمول في المركبات 48 كجم، إضافة إلى المحطات الثابتة، ويمكن تزويد الجهاز بوحدات مدلولات "بيانات"، ووحدة تشفير داخلية.

(ز) يمكن الإرسال على ومضات سريعة High Speed Burst، تزيد من صعوبة التقاطها.

(ح) ينتظر أن تتوافر بالجهاز أساليب لمعالجة الإشارات الرقمية.

(ط) الجهاز مزود بوحدة اتصال بالأقمار الصناعية SATCOM، ويمكنه إرسال صور ملتقطة من طريق آلة تصوير تليفزيونية.
 

نظم السيطرة الرادارية والكهروبصرية ووسائلها وتطورها


أولاً: النظم الحرارية لأسلحة القتال الحديثة

نظراً للتقدم العلمي الكبير الذي حدث في أنظمة الاستطلاع، والإعاقة الرادارية، وكذلك في أنظمة الإخفاء، والتمويه الراداري للأهداف، والأغراض، الأمر الذي ساعد كثيراً على تقليل فاعلية أنظمة الكشف، والتوجيه، والتنشين الراداري ضد هذه الأهداف، سواء الأنظمة الأرضية منها، أو المحمولة بحراً، أو جواً. لهذا، فقد نشطت، في السنوات الأخيرة، مراكز البحوث العلمية، لدراسة استخدام المستشعرات الضوئية، والحرارية، لاكتشاف الأهداف وتمييزها، مع تطوير أساليب المعالجة الرقمية للصور آليا Digital Image Processing حتى أمكن إنتاج أنظمة متكاملة تشمل وسائل الالتقاط، والتتبع، والتوجيه.

1. تكنولوجيا الأشعة تحت الحمراء
أدت الصدفة دوراً كبيراً في إحداث طفرة هائلة في أبحاث الأشعة تحت الحمراء وتطبيقاتها نتيجة خطأ في تقويم الألمان للموقف في الحرب العالمية الثانية، وذلك عندما زادت خسائرهم في الغواصات خلال معارك الأطلسي نتيجة لتغيير حيز تردد الكشف الراداري بوساطة الحلفاء في الوقت الذي لم يفطن الألمان فيه لهذا السبب. وهنا، انشغلت المخابرات الألمانية في تقويم الموقف والبحث عن السبب، وكانت النتيجة النهائية لهذا التقويم، أن قوات الحلفاء تستخدم أجهزة بحث تعمل بالأشعة تحت الحمراء، لاصطياد الغواصات. وكان هذا التقويم الخاطئ للموقف سبباً في هزيمة ساحقة، وفي مزيد من الخسائر في الغواصات، ولكنه كان في الوقت نفسه دفعة قوية في مجال التطبيقات العسكرية للأشعة تحت الحمراء، فيما بعد؛ إذ شهدت المراحل الأخيرة من الحرب العالمية الثانية قفزة هائلة في استخدام الألمان للأشعة تحت الحمراء، ومع التطبيق ظهرت الثغرات متمثلة في إجراءات مضادة تقابلها إجراءات أخرى في سلسلة طويلة من الفعل ورد الفعل.

أ. الأشعة تحت الحمراء جزء من الطيف الكهرومغناطيسي 



يمكن القول بأن القاعدة الرئيسية الأولية لهذا النظام هي أن الأجسام ذات درجات الحرارة الأعلى من الصفر المطلق (– 273.15ْم) تُعدّ مصدراً للطاقة في حيز الأشعة تحت الحمراء. ومن ثم فإن الأهداف العسكرية تُعد من الأهداف الجيدة من وجهة نظر الأشعة تحت الحمراء.
وعموماً، فإن الأشعة تحت الحمراء هي منطقة من الطيف الكهرومغناطيسي تبدأ من الحدود السفلى للون الأحمر، حتى حدود الترددات الخاصة بالميكروويف في حيز الموجات تحت الملليمترية. وهكذا، تحتل الأشعة تحت الحمراء حيز طيف يتراوح بين 0.8 و100 ميكرون، تقريباً، التي يمكن تقسيمها إلى: الأشعة تحت الحمراء القريبة، والأشعة المتوسطة، والأشعة البعيدة، والأشعة فائقة البعد.

ب. النوافذ الجوية/ الفضائية
عند انتشار الأشعة تحت الحمراء في الغلاف الجوي، تتعرض للامتصاص، وإلى التشتت؛ بسبب وجود جزئيات من بخار الماء، والأكسجين، والأوزون، وثاني أكسيد الكربون، وينتج عن امتصاص الأشعة تحت الحمراء وجود مناطق في الطيف ذات نفاذية خاصة للأشعة، ومناطق أخرى معتمة تماماً. ويطلق على المناطق التي لا يتم فيها الامتصاص تماماً اسم "النوافذ الفضائية" Space Windows، ومن هنا، قد تنشأ بعض الاختلافات في تقسيم الموجات للأشعة تحت الحمراء.

ج. الذاكرة الحرارية

تتميز الأشعة تحت الحمراء بخاصية فريدة تصاحبها، وهو ما يطلق عليه اسم "التذكر" Memorization، فطالما أن درجة الحرارة تعتمد على عامل الزمن، أثناء تناقصها بالإشعاع من الجسم إلى الوسط، فإن هذه الظاهرة يمكن الاستفادة منها، أي أن كل جسم على الأرض، يحقق ارتفاعاً معيناً في حرارة المكان الذي يوجد فيه، وتنخفض هذه الحرارة بعد ترك الجسم لهذا المكان، وتختلف درجة الحرارة طبقا لتغير الوقت في هذا المكان.

د. الأشعة تحت الحمراء، واستخداماتها في العمليات الليلية 



أتاحت الأشعة تحت الحمراء الرؤية في الظلام، الأمر الذي يجعل حروب اليوم والمستقبل مختلفة تماماً عن الماضي، مما يجعل المعارك الليلية امتداداً للمعارك النهارية. وهكذا تمتد المعارك طوال 24 ساعة يوميا، ونستطيع استقراء مدلولات مهمة من ذلك، منها ما يلي:

(1) إذا كانت هناك مجموعة من الطائرات تربض على أرض ممر في أحد المطارات، فإن ظلال هذه الطائرات على الممر تؤدي إلى اختلاف في درجة حرارة مكان الظلال عن المنطقة المحيطة، فإذا فرض وأقلعت الطائرات، فإن حرارة مكان الطائرة تكون مختلفة عن باقي أرض الممر. فإذا تم التصوير الحراري بعد فترة فإنه يمكن تمييز مكان الطائرات.

(2) وهكذا فإن الكواشف الحرارية الحساسة، والحاسبات الآلية، يمكن أن تضيف فائدة خطيرة لتصوير حدث بعد وقوعه.

هـ. البصمة الحرارية

يكشف التطور التكنولوجي عن حقائق مذهلة، فإذا كان لكل إنسان بصمة تختلف عن الآخرين لبلايين البشر، فإن البصمة قد تعددت مجالاتها بالمفهوم نفسه، وهو الحصول على طريقة للتمييز بين المكونات بدقة عالية، فهناك البصمة الصوتية، والرادارية، واللاسلكية، بل وبصمة الأسنان، وعديد من البصمات التي منها البصمة الحرارية التي تتخذ وسيلة للتمييز بين المصادر الإشعاعية؛ إذ يمكن الوصول إليها عن طريق التحليل الطيفي للمكونات الإشعاعية.

ملامح البصمة الحرارية للأهداف المختلفة
تشع الأرض والمنشآت الأشعة تحت الحمراء. ولما كانت درجة الحرارة ليست مرتفعة، فإن الإشعاع يقع في الحيز البعيد للأشعة تحت الحمراء. ونظراً إلى توافر غاز ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء بنسبة عالية، فإن النوافذ الجوية تؤثر في تحديد البصمة الحرارية للأهداف الأرضية التي تتحدد في الحيز الذي يتراوح بين 3 و5 ميكرونات للأجسام الملتهبة، والحيز الذي يتراوح بين 8 و14 ميكروناً للأجسام العادية. ولذلك، فإن الكواشف الحرارية التي تستخدم في أجهزة الرؤية الليلية، أو البواحث عن الحرارة التي تصاحب الصواريخ الموجهة، لا بد أن يتوافق حيز إمرارها مع حيز البصمة الحرارية للأهداف الأرضية.
ويمكن استخدام الأشعة تحت الحمراء في متابعة تحركات الأهداف الأرضية، كما أمكن استخدامها للحصول على صور للطائرات، والدبابات، والموانئ، والكباري بدقة بالغة. وهكذا، فإن الدراسة الواعية للبصمات الحرارية للأهداف المختلفة توفر التعامل المؤثر معها وتوفر أيضاً الإجراءات المضادة المناسبة.

و. عمل الأجهزة بالأشعة تحت الحمراء
يمكن تمييز طريقتين أساسيتين لعمل الأجهزة بالأشعة تحت الحمراء هما الطريقة السلبية والطريقة الإيجابية:

(1) في الطريقة الإيجابية: يستخدم باعث يضيء الهدف، فترتد الأشعة من الهدف إلى نظام استشعار حراري. وفي هذا عيب؛ إذ يمكن كشف مصدر الإشعاع، وبالتالي تدميره.

(2) أما الطريقة السلبية: فتعتمد، أساساً، على الإشعاع الذاتي للأهداف، ويمثل الغلاف الجوي وسط الانتشار. ويتم تجميع الأشعة وتركيزها على أنظمة كشف، ثم يمكن الحصول على صورة للهدف.

2. تكنولوجيا التصوير الحراري

يعرف التصوير الحراري، بأنه تكنولوجيا المشاهدة الأمامية بالأشعة تحت الحمراء Forward Looking Infrared: FLIR. وقد انبثق من تكنولوجيا الاستطلاع بوساطة المسح الخطي Linear Scan باستخدام الأشعة تحت الحمراء.
ومن المتطلبات الحربية الأساسية القدرة على الرؤية في الظلام بأجهزة سلبية لا تكشف عن وجودها، وأن الغرض النهائي، دائماً، هو إنجاز المهمة بنظام سلبي. وقد وفرت تكنولوجيا المسح الخطي وسيلة تصوير حرارية تمكن من الرؤية المباشرة في حالة الإظلام التام، بصورة مرئية تماماً، يمكن مقارنتها بالصور المرئية في التليفزيون.
وجهاز التصوير الحراري جهاز سلبي لا تنبعث منه أية إشعاعات ولكنه يستقبل الإشعاع الحراري الذاتي الصادر عن الأهداف، كما يمكنه اكتشاف بعض الأهداف المدفونة تحت سطح الأرض، أو بين الأشجار، أو داخل المباني والمنشآت؛ إذ يصعب خداعه بأساليب الخداع والإخفاء والتمويه التقليدية.

أ. هندسة الكواشف الحرارية

تؤدي الكواشف الحرارية دوراً مهماً في الأنظمة الحرارية، بل إن مدى التقدم فيها يُعد من الأسرار التي لا يمكن تداولها بسهولة. وتأخذ في درجات السرية "سرى للغاية"، فالكاشف الحراري هو "العين الإلكترونية" التي تقهر الظلام، ومن المطلوب أن يتوافق حيز الكشف الحراري مع حيز الهدف المطلوب كشفه، فالعين البشرية تكون حساسة للضوء المرئي في حيز يتراوح بين 0.4 و0.76 ميكرون، وتكون عمياء تماما بالنسبة للأشعة تحت الحمراء.
والمطلوب في الكاشف الحراري أن يكون، كذلك، على درجة عالية من الحساسية، بحيث يميز الفروق الطفيفة في الطاقة الحرارية.

ب. أنظمة الكشف الحراري

من الحقائق المعلومة أن جميع الأجسام يصدر عنها إشعاعات حرارية يمكن اكتشافها، وتصويرها بالمستشعرات الحرارية، مما يعطي صورة حرارية للجسم، بصرف النظر عن ظروف الإضاءة، والطقس. ومن الصعب تجنب الاستطلاع الحراري، لذلك فإن كثيرا من الأهداف العسكرية، تُعد من الأهداف الجيدة، من وجهة نظر الأشعة تحت الحمراء، هذا مع إمكانية التمييز بين هذه الأهداف عن طريق البصمة الحرارية لها. وقد أدى استخدام خواص الإشعاع الذاتي الحراري للأجسام إلى إنتاج العديد من معدات الرؤية الليلية، والاستشعار الحراري؛ إذ تجمع أجهزة الكشف، والتصوير الحراري؛ سواء الأرضية، أو المحمولة الأشعة الحرارية الصادرة من الأجسام، وتحولها إلى صور على شريط.

وتوجد أنظمة عديدة للتصوير الحراري منها الآتي:

(1) نظام الرؤية الأمامي بالأشعة تحت الحمراء المحمولة جواً Forward Looking Infrared: FLIR، وهو نظام يمكن استخدامه بطائرات القتال، والهليكوبتر، والطائرات الموجهة من دون طيار.

(2) نظام المسح الخطي الحراري Infrared Line Scanner: IRLS؛ إذ يبني صورة عن الهدف من خلال عملية مسح المنطقة، ويوجد هذا النظام بطائرات الاستطلاع، وبأقمار التجسس، ومراكز الاستطلاع والمراقبة الأرضية، ويحمّل على بعض القطع البحرية.
وبشكل عام، فإن مدى الكشف، ومجال الرؤية لنظم الكشف والتصوير الحراري محدودان في اتجاه مصدر الإشعاع.

ج. أنظمة التوجيه الحراري

تتميز نظم التوجيه الحراري بخاصية "اطلق وانْسَ" Fire And Forget مع إمكانية الاستخدام في مختلف الظروف، خاصة الظلام الحالك، بالمقارنة بنظم التوجيه البصرية. ولاستخدام هذه النظم الحرارية في توجيه الصواريخ، يلزم توافر معلومات ابتدائية عن الأهداف "مسافة ـ اتجاه"، وتعدّ هذه المعلومات باستخدام رادارات القصف والتنشين المحمولة جواً، أو باستخدام رادارات التوجيه الأرضية/ البحرية، وبالتالي فإن معظم نظم التوجيه الحرارية توجد في رؤوس الصواريخ، وتستخدم في المرحلة النهائية للتوجيه.

تندرج أنظمة التوجيه الحراري للصواريخ تحت قسمين رئيسيين:

(1) التوجيه الحراري بدون صور Non Image IR.

(2) التوجيه الحراري ببناء الصور Image IR- IIR.

يستخدم التوجيه الحراري التقليدي في رؤوس الصواريخ، نظراً لوجود تباين حراري كبير بين الهدف، والخلفية المحيطة به، وفي هذا النوع من التوجيه يقبض على الهدف في اتجاه الإشعاع الحراري الكبير الصادر عن الأهداف باستخدام تليسكوب صغير مصمم لتجميع، الطاقة الحرارية اللازمة لدقة عمل المستشعر الحراري المركب في رأس الصاروخ، وتركيزها.
يُعد التوجيه الحراري ببناء الصورIIR، هو أكثر تكنولوجيا الاستشعار الحراري تعقيداً، ويستخدم عندما يكون التباين الحراري بين الأهداف الخلفية المحيطة بها، صغير نسبياً، مثال ذلك الأهداف الأرضية. وهذا النوع من التوجيه، آلة تصوير تليفزيونية حرارية، موجودة بالرأس الباحثة للصاروخ، تبني صورة حرارية متكاملة للهدف، وباستخدام تكنولوجيات المعالجة الرقمية للصور صار الحصول على صور حرارية تفصيلية عن الهدف ممكناً.
 
د. الصواريخ الحرارية

استخدمت الصواريخ ذات التوجيه بالاستشعار الحراري الباحثة عن الحرارة، منذ ستينيات القرن العشرين الميلادي، حينما فاجأ الثوار الفيتناميون الطائرات الأمريكية، بالصاروخ السوفيتي الذي يطلق من الكتف سام-7، والذي عرف باسم "استريلا"، مما تسبب في خسائر واضحة في القوات الجوية الأمريكية تم تداركها فيما بعد.

ومن هذا الجيل، ظهر الصاروخ الأمريكي "العين الحمراء" Red Eye، ثم تبعه جيل شابرال Shapral، وسام-7 المعدل، وسام-9. وظهرت كذلك، الصواريخ الحرارية المضادة للدبابات تاو Tow، وهوت Hot وهكذا، ظهر تهديد جديد للأنظمة والمعدات يستخدم الأشعة تحت الحمراء في اصطياد أهدافه.

والأساس في الصواريخ الحرارية هو الرأس الباحثة Head Seeker التي تتكون، أساساً، من ثلاث مجموعات، هي:

(1) مجموعة البصريات: وتمسح، الإشعاع الحراري الصادر من الهدف، وتجمعه وتركّزه.

(2) السبيكة: ومهمتها تقسيم هذا الإشعاع المستمر، ميكانيكياً، لتحويله إلى نبضات مشفرة، تنقل إلى الجزء الحساس.

(3) الكاشف بالأشعة تحت الحمراء Infrared Detector: ومهمته تحويل هذه النبضات إلى أوامر توجيه للصاروخ، ليتتبع الهدف.

ولا بدّ من تحقيق التوافق بين حيز الكواشف الحرارية، مع البصمة الحرارية للهدف المعادي سواء كان طائرة، أم دبابة، وعندما تزداد حساسية الكواشف الحرارية، فإن ذلك يساعد على التعامل مع الطائرة من جميع الاتجاهات؛ سواء أثناء اقترابها، أو ابتعادها، أو من الجوانب، مما يتيح التعامل مع الهدف من جميع الاتجاهات، وهذه الميزة افتقدتها الأجيال الأولى من صواريخ سام –7، ثم أمكن تداركها، فيما بعد، في الأجيال المتعاقبة: سام -7 المعدل، وسام -9، وسام -13.

وظهرت أهمية وجود أنظمة للتعارف Identification Friendly or Foe: IFF حتى يمكن التأكد من هوية الهدف، درءاً للأخطاء، وتجنباً لإصابة الأهداف الصديقة. وتركب أجهزة التعارف على القاذف، كما في الصاروخ الأمريكي ستنجر الذي يمتاز، كذلك، بحساسية فائقة علاوة على ميزة المستشعر الثنائي Dual Sensor؛ إذ يمكن تمييز جزء من الإشعاع واستقباله في حيز الأشعة فوق البنفسجية التي تصاحب الطائرات المعادية، ومن هنا يتأكد من الهدف الحقيقي المعادي، فيصعب بذلك خداع الصاروخ، مما يزيد الصاروخ ذكاء.

هـ. الصواريخ الذكية
تتميز الصواريخ الحرارية الحديثة المستخدمة ضد الطائرات، أو المستخدمة ضد الدبابات، بتزويدها برأس باحثة Head Seeker ذكية Smart، كما في الصاروخ الأمريكي "ستنجر" Stinger Post؛ إذ ينفذ الاستشعار في حيز الأشعة تحت الحمراء، وحيز الأشعة فوق البنفسجية، الأمر الذي يصعب معه الخداع التقليدي. 



كما تتزود الصواريخ، كذلك، بمشغلات دقيقة، وذاكرة تفرق بين سرعة الهدف الحقيقي، والهدف الهيكلي، وكذلك بين كمية الإشعاع المفروض وصولها من الهدف الحقيقي إلى المستشعر على مسافات مختلفة. فإذا فرض أن الهدف الهيكلي كان ذا إشعاع أكبر من الهدف الحقيقي، فيتجنبه الصاروخ المتألق BRILLIANT، ويتجه نحو الهدف الحقيقي، ويظهر ذلك في المشروع الأمريكي Assault Breaker؛ إذ يحمل الصاروخ الرئيسي عدة حمولات فرعية إلى منطقة تجمع مدرعات معادية؛ إذ تنطلق كل حمولة فرعية إلى دبابة فتدمرها. فإذا تم تدمير دبابة زاد مستوى الإشعاع الحراري الصادر منها، عما هو مخزن في ذاكرة الحمولة الفرعية الأخرى، فلا تتجه إليها، بل تنتقي دبابة لم تتم إصابتها من قبل.

و. الأنظمة الحرارية الملاحية

إن الاتجاه الحديث، هو إنتاج أنظمة متكاملة تفي بجميع مهام الملاحة الجوية في مختلف الظروف الجوية، الليلية، والنهارية، وعلى جميع الارتفاعات، لتحقيق أداء ملاحي متقدم. وقد استغلت التطورات التي حدثت في النظم الحرارية في أعمال الملاحة الجوية، لإعطاء صور حرارية عن الأرض محل الطيران في مختلف الظروف الجوية مع عرض هذه الصور على شاشة عرض علوية أمام الطيار.

والتطور المنتظر، هو تجهيز جميع طائرات القتال، وطائرات الهليكوبتر، والطائرات الموجهة من دون طيار، بأنظمة رؤية ليلية حرارية، لأغراض الملاحة نظام الرؤية الحراري الأمامي FLIR.


ثانيا: أجهزة الرؤية الليلية/ الكهروبصرية/ الأشعة تحت الحمراء

إن أي قوة تمتلك تكنولوجيا للرؤية الليلية تتمتع بمزايا عظيمة، وقد برز ذلك خلال حرب الخليج الثانية في 1991، عندما استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها من دول التحالف مثل هذه التكنولوجيا بكثافة، وعلى الرغم من أن التقنيات لتكنولوجيا الرؤية الليلية في ميدان القتال لبعض المتنافسين كانت مختلفة، فإن لكل منها ما يتلاءم مع ظروف البيئة. فمكثفات الصور Image Intensifiers التي تزود بها نظارات الرؤية الليلية Night Vision Goggles NVG، وأجهزة تصويب البنادق كان لها الأثر الأكبر، والفاعلية في إصابة الأهداف بدقة في ميدان القتال ليلاً. 



1. الأجهزة العاملة بالأشعة تحت الحمراء
الإلكتروبصريات Electron Optics، كما يدل الاسم عليها، هي تزاوج بين البصريات، والإلكترونيات التي صُممت لتحويل الإشارات الضوئية إلى إشارات إلكترونية صالحة لاستعمالات أخرى. ويكمن الفارق الرئيسي في الأنظمة التي تستغل الحزمة المرئية "إلكتروبصريات"، أو الحزمة غير المرئية "الأشعة تحت الحمراء"، والتكنولوجيتان كلتاهما معنيتان بالبحث في الصور التي تولد إشارات كهربائية عن طريق دفع الإلكترونات من مستوى طاقة إلى آخر.

يبحث الجهاز البصري عن إشعاع منعكس من الجسم، وعادة لكونه ناتج من ضوء الشمس، أمّا أجهزة تكثيف الضوء فتستخدم الضوء المنعكس من النجوم أو القمر؛ لتعطي رؤية ليلية سلبية. وتتراوح الأطوال النموذجية للموجة بين 0.4 ميكرون و1.2 ميكرون، أمّا الأجهزة الباحثة للأشعة تحت الحمراء فمعنية بشكل رئيسي بالحرارة الصادرة عن الهدف، وهي تتراوح بين العمود الساخن لغاز العادم الصادر عن مدخنة أو ماكينة، وحرارة جسم الإنسان على مسافة قصيرة نسبياً.

والأجسام التي تفوق حرارتها حرارة محيطها، تصدر حرارة بدرجة معينة، ويختلف طول موجة الإشعاع الحراري التي تصدر من هدف لآخر. فبمقدار ما يكون الهدف أكثر سخونة يكون طول الموجة أقصر.

إن التقنيات المستعملة في التصوير الحراري هي أيضاً متطورة على عدة مستويات. فالأجهزة التي تستخدم مركز المستوى البؤري مع عدد كبير من العناصر الكاشفة، تحقق مستويات رؤية حرارية ذات قيمة لهذه النظم، ومن هذه الأنظمة نظام الرؤية الليلية من نوع TOGS المزودة به الدبابة البريطانية تشالنجر -1 CHALLENGER-1 ،



ومن أهم نظم التصوير الحراري من الجيل الثاني هو نظام SYNERGY الذي بدأ في 1992؛ مستخدماً عنصر كشف 4X288 الذي طورته شركة SOFRADIR في فرنسا، وقد صممت الوحدات لكي توفر الخدمة الطويلة، والتكلفة القليلة، والحجم الصغير، واستهلاك قليل للطاقة مع أداء عالٍ.

أدخلت شركة طومسون THOMSON-CSF" تقنية SYNERGY في آلاتها للتصوير الحراري: "كاترين CATHERINE، و"سيلفي SYLVI"، و"صوفي SOPHIE"؛ فكاترين اعتمدت للاكتشاف الطويل المدى، ولمراقبة النيران في عربات القتال المدرعة، وفي أنظمة الصواريخ أرض/ جو، واستعملت "سيلفي" في نظارات القيادة، وركبت في الدبابة لوكلير LECLERC من إنتاج شركة "جيات أندستريز GIAT INDUSTRIES"، أمّا صوفي الخفيفة الوزن المخصصة أساساً لاستعمال المشاة، فقد جهزت بها العربات المدرعة الخفيفة مثل GIAT AMX-10RC، أو "الفيس سكوربيون ALVIS SCORPION".

كان هدف الجيش الأمريكي في الجيل الثاني من الرؤية عن بعد العاملة بالأشعة تحت الحمراء Forward Looking Infrared: FLIR؛ هو تحقيق أداء متطور بأقل تكاليف. ويضم هذا البرنامج عائلة من أنظمة المسح العاملة على نطاق يتراوح بين 8 و12 ميكروناً، والمستخدمة في نظام سادا -2 SADA-II المتضمن نظام كشف عناصر من 4X480، وسوف يطبق الجيل الثاني FLIR في مناظير عدة مثل: "أنظمة التصوير الحراري في الدبابة أبرامز ABRAMS M1-A2، وفي الطائرة العمودية AH-64 APACHI وغيرهما".

2. أجهزة الرؤية العاملة بتكثيف الصورة Image Intensifiers

نظراً لأنه كان من السهل كشف الأجهزة العاملة بالأشعة تحت الحمراء، اقتضت الحاجة استخدام أجهزة سلبية لا تصدر أي نوع من الإشعاع، فاتجهت الأنظار إلى طيف الضوء المرئي، وإلى حزم الأشعة تحت الحمراء القريبة. ولهذا استغلت مصادر الإضاءة الطبيعية؛ كالقمر، والنجوم، والأشعة تحت الحمراء الناجمة عن الأجسام كافة، التي تشع حرارة مولدة منها نفسها، أو منعكسة عنها. وكان من النتائج التي تم توصل إليها هو أن مكثف الضوء الذي يحول الضوء إلى شحنات كهربائية، يعيد تحويلها إلى ضوء مرئي للعرض على شاشة فلوريسنتية Fluorescent Screen.

ومن أحدث منتجات أجهزة الرؤية الليلية بتكثيف الصورة ما يلي:

أ. طورت شركة ITT نظام الرؤية الليلية AN/AV-8 المركب على خوذة الطيار.

ب. أما شركة ليتون LITTON فتتابع عملها على الجيل الثالث، وتطور صمام الجيل الثاني العالي الدقة، ويتضمن لوحة القناة الدقيقة مع زيادة قوتها.

ج. من جهة ثانية يتابع الجيش الأمريكي بحثه عن التطور في مكثفات الصور؛ لذلك عمدت القيادة المركزية للجيش الأمريكي CECOM إلى طلب جهاز مراقبة، وتحكم في النيران ليلاً ونهاراً ليستعمل من قِبَل القوات الخاصة على بنادق قناصة ثقيلة، ومتوسطة، وللاستطلاع الإستراتيجي والمراقبة. وسيتضمن هذا الجهاز صمام الجيل الثالث، ويوفر رؤية مباشرة تسمح للقناص المراقبة في الليل كما في النهار.

هناك عدة تقنيات مرشحة لتكون قاعدة صمام نظام الجيل الرابع، ومن بين هذه التقنيات صمامات ذات مهبط ضوئي يوسع الجواب الطيفي إلى 1.6 ميكرومتر، واستخدام أجهزة تكبير حديثة.

يعمل المكتب الأمريكي للأبحاث البحرية، وأنظمة القيادة البحرية الجوية على تقنية جديدة لنظام رؤية ليلية ملونة، يسمح للطيار استبدال نظاراته القديمة للرؤية الليلية بمستشعر متعدد الطيف ذي رأس دوار مركب على الخوذة، ويوفر هذا التصميم الرؤية المباشرة للخارج من خلال مكثف للصور يستخدم لتحويل مخرجات الصمامات إلى إشارة فيديو.

3. إسرائيل والأشعة تحت الحمراء

توظف إسرائيل كافة التطورات التكنولوجية، تحقيقاً لمبدأ البقاء، الذي يمثل عنصراً أساسياً من العقيدة القتالية لها. وقد اتجهت مبكراً إلى مجال الكهروبصريات، وأولت الأشعة تحت الحمراء اهتماماً خاصاً. كما طورت إسرائيل، كذلك، بعض الكاميرات الحرارية الصغيرة، للاستخدام على الطائرات الموجهة من دون طيار RPV، لكشف أرض المعركة ليلاً.

تسبب الحظر الأمريكي المؤقت، ذات مرة، على صفقة صواريخ جو/ جو سايد وندر الحرارية في تحقيق إسرائيل طفرة في مجال الأشعة تحت الحمراء وتطبيقاتها؛ إذ توصلوا إلى الصاروخ شفرير جو/ جو، ثم PYTHON-3 الذي يُعَدّ، أساساً، لتطوير جيل جديد ومتفوق من الأسلحة الذكية.

وتأكيداً للعقيدة الإسرائيلية في أهمية القتال الليلي، فإنها تطور إمكانات القتال الليلي للدبابات بتجهيزها بأجهزة تصوير حراري ضمن أنظمة الرؤية للسائق، وأنظمة قيادة النيران في تكامل مدروس مع أنظمة تقدير المسافة بأشعة الليزر. وتدعم إسرائيل دباباتها بأنظمة للإعاقة الحرارية، لتحييد عمل الصواريخ الحرارية المعادية مع استخدام أنظمة دخان حديثة لها القدرة على الإخفاء، بما تمثله من امتصاص وتشتيت للأشعة تحت الحمراء. كما تطور إسرائيل، كذلك، الطائرة F-16، لمهام العمل الليلي بتزويدها بنظام Low- Altitude Navigation Infrared for Night: LANIRN للملاحة الليلية على الارتفاعات المنخفضة بالأشعة تحت الحمراء.

ومع التقدم الإسرائيلي الملحوظ، فإنها تحاول تطوير معظم القذائف التقليدية، لتكون موجهة بالأشعة تحت الحمراء.

وتطور إسرائيل قذائف الهاوتزر 100 مم، لتحمل الواحدة ثلاث شحنات فرعية مزودة بمستشعرات ملليمترية وبالأشعة تحت الحمراء يمكنها تدمير ثلاث دبابات في آن واحد.

4. بعض أمثلة أجهزة الرؤية الحديثة

أ. نظام ACTIS

أنتجت شركة CHARTER IND السنغافورية جهاز رؤية ليلية؛ للاستخدام من قِبَل أفراد المشاة والعمليات الخاصة، وهو من النوع الحراري، ويستخدم في أعمال البحث والمراقبة وغيرهما. ويعمل في حيز يتراوح بين 8 و12 ميكروناً، مع توفر مجال للرؤية بين 7 درجة عرضاً و3.5 درجة رأسياً، ويحقق مدى رؤية 30 متراً.

يستمد هذا الجهاز تغذيته من أربع بطاريات كبيرة الحجم، ويبلغ وزنه حوالي 4.6 كجم، وأبعاده 24.7×19×13.5 سم، ومن الجدير بالذكر أن الجهاز يتميز بنظام تبريد داخلي لصمام الأشعة تحت الحمراء.

ب. نظام AN/VAS-3

من المألوف بالنسبة للآليات المدرعة الحديثة دبابات، وعربات مدرعة، ومدافع ذاتية الحركة، هو تزويدها بنوعين من أنظمة الرؤية الليلية؛ واحد يعمل بمبدأ تكثيف الضوء ويستخدمه سائق المدرعة، بينما يعمل الآخر وفق مبدأ الرؤية الحرارية الأشعة تحت الحمراء، ويستخدمه الرامي وقائد المدرعة.

طوّر منظار القيادة الليلية AN/VAS-3 العامل بالأشعة تحت الحمراء؛ بهدف استخدامه في الدبابات أبرامز M1-A2، والعربات المدرعة برادلي BRADLY، وLAV-25، والمدفع الذاتي الحركة M-109 بشكل يجعل السائق قادراً على الرصد، والرمي بالرشاش الموازي؛ إضافة إلى مهمته الأساسية، ويزن النظام 12.7 كجم، ويعمل ضمن إطار الطيف الضوئي من 7.5 حتى 12 ميكرون، ويتضمن 60 لاقطاً للكشف الحراري.

ج. نظام FORMS
انتشرت أنظمة الرؤية الليلية الصغيرة الحجم، التي أطلق عليها اسم الجيب Pocket؛ للاستخدام مع أفراد الاستطلاع، والقوات الخاصة، وزود بعضها بوحدة قياس المسافة بأشعة الليزر.

تجري الولايات المتحدة الأمريكية تجارب نهائية على الأنظمة التي نهائية، قبل تسويقها، ومنها ما يطلق عليه اسـم Forward Observer Ranging and Marking Scope: FORMS، وهو جهاز صغير الحجم يستخدم للرؤية الليلية، وإضاءة الأهداف بشعاع الليزر، ويستخدمه أفراد القوات الخاصة، وأفراد أطقم الطائرات في مهام الاستطلاع والمراقبة.

يفيد استخدام مثل هذا الجهاز أطقم الطائرات في تحديد مدى الأهداف، أو إضاءتها بأشعة الليزر؛ للتعامل معها بالأسلحة الموجهة بالليزر الأرضية، كما يفيد بدرجة كبيرة في عمليات الاستطلاع الليلي القريب، أثناء تنفيذ العمليات الليلية.

د. نظام FORTIS

عرضت شركة سيمنز ألبيس SIEMENS ALBIS نظام الرؤية الليلي فورتيس FORTIS، ويستند هذا النظام على أحدث تكنولوجيات الأشعة تحت الحمراء المدمجة مع مكونات إلكترونية حديثة، وبصريات عالية الأداء. ويبلغ وزن هذا النظام 13 كجم في حالاته العملياتية الكاملة.

ويعتمد النظام على الطيف العالي النقاوة، الذي يتطلب حقل رؤية يسمح بالمسح، ومن ثم تتبع الهدف عن قرب بمدى يصل إلى عدة كيلومترات. وقد اُعتمد الجيش السويسري على نظام فورتيس من قِبَل الجيش، لما يتمتع به من قدرات على اختراق الضباب، والدخان، والغبار، وأكثر العوائق التي تبرز في ميادين المعارك، وأعمال المراقبة.

على الرغم من النوعيات القوية من المكثفات وأجهزة التصوير، لكن تبقى هذه المعدات دقيقة نسبياً؛ إذ ينبغي استخدامها بحذر، وبخاصة آلات التصوير البصرية، فعدسات التصوير ـ بشكل خاص ـ تُصنع من مادة رقيقة يسهل خدشها برمال الصحراء إلى درجة تغدو معها غير صالحة للاستعمال، كما ينبغي تنظيفها بحذر وبخاصة في حالة عدسات أجهزة التصوير على المركبات. 


ثالثا: النظم التليفزيونية لأسلحة القتال الحديثة



1. أنظمة الكشف التليفزيونية للتصوير الضوئي"
أ. الوسائل التليفزيونية للتصوير الضوئي: 


وهي أبسط أنواع التصوير؛ إذ تعتمد الكاميرا المستخدمة على الضوء المنعكس من الهدف، وبالتالي، تتأثر كفاءة الصورة ودقتها بمدى إضاءة الهدف.

ب. الوسائل التليفزيونية للتصوير الليلي: 



من المعروف أن شدة الإضاءة، تضعف ملايين المرات في الليل المظلم، عنها في ضوء الشمس، وعلى الرغم من ذلك، فإن المستشعرات الضوئية، والكاميرا التليفزيونية للضوء المنخفض Low Light Level TV: LLLTV، يمكنها تصوير الأهداف في الظلام الحالك، وتعتمد هذه الوسائل على التقاط الأشعة الضوئية الصادرة من الهدف.

التطور المنتظر في نظم الكشف التليفزيونية سوف يتجه إلى استخدام تكنولوجيا بناء الصور الحرارية، لإمكان العمل في ظروف الرؤية الصعبة التي تواجه النظم التليفزيونية، مما يتطلب استخدام مستشعرات ضوئية بها آلات تصوير تليفزيونية حرارية تبني صور الأهداف.

2. أنظمة التوجيه التليفزيونية
يُعد الصاروخ "مافريك" Mafrek الموجه تليفزيونياً أحد التطبيقات المتقدمة لاستخدام تكنولوجيا التوجيه التليفزيونية، لأسلحة جو/ أرض، وكذلك الصاروخ LUZ-1 الموجود ضمن تسليح المقاتلات الأمريكية في إسرائيل بمدى يصل حتى 80 كم، وكذلك، القنبلة التليفزيونية GBU-15، والموجود في تسليح الطائرات F-4، F-16، بمدى يصل حتى 40 كم. ويمكن استخدام الطائرات من دون طيار في التحكم في مسار القنابل التليفزيونية. 






من المنتظر التوسع في استخدام الطائرات الموجهة من دون طيار، للتحكم في مسار القنابل التليفزيونية المنزلقة، لزيادة المدى؛ إذ تستخدم الطائرة الموجهة من دون طيار لنقل أوامر التحكم والتوجيه، وكذلك الصورة التليفزيونية، من محطة التحكم والتوجيه الأرضية وإليها، والقنابل الموجهة تليفزيونياً، التي يتم إطلاقها من الطائرات التقليدية، أو من منصات إطلاق أرضية.

كما تُستخدم الطائرة الموجهة من دون طيار، قذيفة تدميرية، وفي هذه الحالة، تزود الطائرة الموجهة من دون طيار بحمولة كبيرة من المواد شديدة الانفجار، مع تزويدها بآلة التصوير التليفزيونية التي تعطي الصورة المرئية في الوقت الحقيقي Real Time Image إلى الموجة في محطة التحكم الأرضية الذي ينفذ دوره فور الحصول على صورة الهدف، بوضعه في تقاطع الشعيرات، مع متابعة توجيه الطائرة مباشرة إلى الهدف، بما يحقق دقة إصابة، تصل إلى أقل من خمسة أمتار، مع إحداث تدمير كبير للهدف، ويُعد هذا الأسلوب مشابه تماماً للقنبلة التليفزيونية، مع وجود بعض الاختلافات في أسلوب الإطلاق، ومدى العمل.

رابعا: النظم الليزرية لأسلحة القتال الحديثة
1. تعريف الليزر Light Amplification by the Stimulated Emission of Radiation LASERنظراً للتطور التكنولوجي الذي حدث في استخدام الحيز الحراري، والضوئي، فقد أمكن استخدام الليزر في تطبيقات عسكرية عديدة، لإمكانية تحقيق درجة تمييز عالية جداً، مع انخفاض نسبي، في توهين الموجات بالغلاف الجوي، بالمقارنة بالموجات الملليمترية.

أهم ما تتميز به أشعة الليزر، هي خاصية التجانس؛ إذ إنها أشعة متوازية ذات موجات متساوية في الطول، وذلك أضفى عليها صفات أخرى، من حيث الحدة، والضيق، والشدة، وإمكان السيطرة عليها في بؤرة متناهية الصغر.

تتلخص طريقة الحصول على أشعة الليزر في إصدار نبضات كهربائية على مادة وسيطة تمر من خلالها النبضات، وتحدث لها عدة عمليات تكبير، وانعكاس، تخرج في صورة شعاع قوي، يسمى بالليزر، ويستخدم الياقوت مادة وسيطة، لإنتاج الليزر، إضافة إلى مواد أخرى، وسوائل، وغازات، مثل: ثاني أكسيد الكربون، أو اللثيوم.

أشعة الليزر بعضها مرئي، أي ترى بالعين المجردة، منها الأخضر، والأحمر، وبعضها غير مرئي، مثل الأشعة المنتجة باستخدام غاز ثاني أكسيد الكربون، وتكون أشعة الليزر، في صورة شعاع مستمر، أو متقطع حسب نوع، الاستخدام وطبيعته، ومن أهم عيوب أشعة الليزر، تأثرها بالسحب والضباب؛ إذ تمنع مسارها.

أثبتت حرب فيتنام 1968، وحرب فوكلاند 1982، وحرب الخليج الثانية 1991، فاعلية أنظمة التوجيه الليزرية؛ سواء الأرضية، أو المحمولة بحراً أو جواً، والمستخدمة في توجيه القنابل جو/ أرض، أرض/ أرض، أرض/ جو، سطح/ سطح، سطح/ جو.

2. التطبيقات العسكرية في مجال الليزر

نظراً لضيق النموذج الإشعاعي لليزر، فإن مجال الرؤية محدود، وقد استلزم ذلك أن يعمل معه رادار، لاكتشاف الأهداف على مدى ومجال رؤية كبيرين. ومن التطبيقات العسكرية في مجال الأنظمة الليزرية:




أ. استخدام الليزر في توجيه الصواريخ راكبة الشعاع Laser Beam Rider 


نظراً لما يتمتع به الحيز الليزري من ضيق النموذج الإشعاعي، وبالتالي، زيادة دقة إصابة الأهداف المختلفة، يماثل هذا النوع من التوجيه الأسلوب الراداري، في توجيه الصواريخ راكبة الشعاع Radar Beam Rider. ومثال ذلك: الصواريخ الموجهة بأشعة الليزر AGM-114A، بالطائرة العمودية أباتشي AH-64.

ب. استخدام الليزر في قياس المسافة Laser Range Finder

بإرسال أشعة الليزر واستقبال الليزرية المرتدة من الهدف، باستخدام مستقبلات أشعة الليزر، وأمثلة ذلك نظام الليزر، الموجود في المستودع "لنترن" Lantern، المحتمل تجهيزه بطائرات القتال F-15، F-16؛ إذ يستخدم لتحديد المسافات مع إمكانية استخدامه في أعمال الملاحة الجوية، للتحذير من العوائق الأرضية على الارتفاعات المنخفضة، بدلاً من رادارات تتبع، وتجنب الهيئات الأرضية بواسطة رادارات قياس الارتفاع.

ج. استخدام الليزر في التوجيه نصف الإيجابي للصواريخ

يُضاء الهدف بالليزر، والمستشعر الموجود بالرأس الباحثة للصاروخ، يستقبل هذه الأشعة المرتدة من الهدف، ويماثل هذا التوجيه، التوجيه الراداري النصف إيجابي. 














د. استخدام الليزر في المهام التدميرية
منها مهام تدمير الأقمار الصناعيةAnti Satellite، ومهام تدمير الصواريخ البالسيتية، إضافة إلى إمكانية استخدامه في تدمير وسائل البحث، والتتبع، والتوجيه التليفزيونية، كما يُستخدم أحد وسائل الإعماء الوقتي للجنود في ساحات القتال. 

خامسا: التطور في الأنظمة الرادارية

1. التطور في أنظمة الكشف الرادارية
يستخدم رادار الكشف، بصفة عامة، في كشف الأهداف الأرضية الثابتة/ المتحركة ومراقبتها، والأهداف البحرية، والجوية، وتحديد المدى، والاتجاه، والسرعة، مع إمكانية رسم الخرائط للأهداف الأرضية، والبحرية، بدقة تمييز عالية جداً، باستخدام رادارات رسم الخرائط المحمول جواً Synthetic Aperture- Radar: SAR، ومن المنتظر أن يشمل التطور في نظم الكشف الرادارية المجالات الآتية:

* الارتفاع بالحيز الترددي
أ. نظراً لأن الحيز الكهرومغناطيسي، يُعد العامل الحاسم في جميع التطورات الحالية، والمستقبلية، فإن مراكز البحوث العلمية في الدول المتقدمة، تتصارع لاستغلال الحيز الكهرومغناطيسي الاستغلال الأمثل في مختلف التطبيقات العسكرية.

ب. يعتمد اختيار التردد المستخدم في الرادارات الأرضية، أو المحمولة بحراً/ جواً على عدة عوامل رئيسية.

(1) مدى الكشف المطلوب تحقيقه.

(2) التمييز الاتجاهي المطلوب.

(3) المهام المطلوبة: إنذار ـ مراقبة ـ توجيه... إلخ.

(4) الوزن ـ الحجم.

2. التطور في أنظمة التوجيه الرادارية 









تؤدي الرادارات المحمولة جواً دوراً مهماً في أعمال القصف والتنشين ضد الأهداف الأرضية الثابتة، والمتحركة، وخاصة ليلاً، كما تؤدي رادارات التوجيه، وإدارة نيران المدفعية، والصواريخ الأرضية الدور نفسه، إضافة إلى رادارات التوجيه، وإدارة النيران المحمولة بحراً، فهي تؤدي دوراً مهماً في أعمال القتال البحري، وخاصة ليلاً. وعلى هذا، فمن المنتظر أن يشمل التطور نظم التوجيه الراداري الآتية:

أ. التوجيه نصف الإيجابي للصواريخ.

ب. التوجيه الإيجابي للصواريخ.

ج. التوجيه السلبي للصواريخ ضد مصادر الإشعاع Anti-Radiation Missiles ARM.

د. التوجيه الراداري للصواريخ راكبة الشعاع.

3. التطور في الأنظمة الملاحية الرادارية
استخدام حيز الموجات الملليمترية في رادارات قياس الارتفاع، وتجنب الهيئات الأرضية، وذلك لإخفاء الإشعاع الراداري عن أنظمة الاستطلاع الراداري السلبية المعادية، وتسمى هذه الرادارات التي تعمل في الحيز الملليمتري، بالرادارات المخفاة Covert Radars، وهو عنصر من عناصر تكنولوجيا الإخفاء، مع زيادة إمكانية مثل هذه الرادارات في اكتشاف العوائق الجوية الصغيرة "أسلاك كهرباء"، ومثال ذلك: رادار الكشف الأمامي إنتاج شركة AEG الألمانية الذي يعمل عند الحيز الترددي 66 جيجا هرتز، لاكتشاف الكابلات الكهربائية المعلقة عند الطيران على الارتفاعات المنخفضة، وكذلك الرادار الذي أنتجته شركة "فيليبس" Philips، ويستخدم للغرض نفسه عند التردد 94 جيجا هرتز.

استخدام تكنولوجيا رسم الخرائط للأرض، في مسار الطيران، باستخدام الرادار SAR، وعرض الصورة على جهاز العرض العلوي بكابينة الطيار، مع إمكانية تحقيق المطابقة الفورية بين الصور المخزنة بالحاسب الآلي مسبقاً عن الأرض محل الطيران، والصور الفورية الملتقطة بالرادار، لتحقيق أفضل مسار ملاحي للوصول إلى الهدف.

استخدام أنظمة رشاقة التردد في رادارات تتبع/ تجنب الهيئات الأرضية، التي تعمل في الحيز الترددي I/J، لتحسين أداء الرادار.

استخدام الملاحة بالأقمار الصناعية نظام تحديد المكان العالمي Positioning System: GPS في معظم طائرات القتال المستقبلية، والمتوفر حالياً، في طائرات القتال F-16.

4. التطور في الأنظمة الحرارية
أ. التطور المستقبلي
كان هدف من يصنعون أجهزة تكثيف الصورة الحرارية، وما زال، تخفيض وزنها، ولكن هذه الغاية لا تتحقق إلاّ إذا تم التوصل إلى تخفيضات مماثلة، في وزن وحجم الأجهزة الإلكترونية المستخدمة في تشغيل تلك النظم، ولكن هناك حدود لتخفيض وزن وحجم النظم الإلكترونية لا يمكن تخطيها، حالياً، ما لم يطرأ تطور خارق في تكنولوجيا الإلكترونيات، فإنه لا يمكن توقع تقدم ملموس في هذا الإطار.

والبديل هو تقدم تكنولوجيا المواد، وذلك باستنباط سبائك معدنية أقل وزناً، ومواد بلاستيكية فائقة الخفة، يمكن استخدامها في صنع هياكل أجهزة تكثيف الصورة الحرارية، ولكن حتى في هذا المجال يبدو أن العلماء وصلوا إلى نهاية المطاف. كانت الآمال كبيرة بإمكانية استغلال المواد البلاستيكية في صنع الأجهزة البصرية، ولكن "شفافية" Transparency البلاستيك لم تصل بعد إلى المستوى المطلوب لهذا الاستخدام. ولعل السبب في ذلك عائد إلى الصفات الضوئية الضعيفة لمادة البلاستيك، وافتقارها إلى الصلابة التي تحول دون خدشها إبّان الاستعمال، ومع ذلك يُنتظر التغلب على هذه المشكلات في وقت قريب.

وتجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أن كثيراً ما يكون الاختلاط بين أجهزة تكثيف الصورة، وتلك الخاصة بتكوينها حرارياً. وخصوصا في دوائر غير المتخصصين في الموضوع، الذين يعتقدون أن الأجهزة ذاتها هي التي تكثف الصورة وتكونها حرارياً، إلا أن ذلك ليس هو الواقع من الناحية العلمية البحتة.

إن تكثيف الصورة، لإبرازها من محيط ضوئي ضعيف، لا يتوقف على معدل الضوء مهما كان ضعيفاً، في هذا المحيط. أما أجهزة تكوين الصورة حرارياً، فتستخدم الأشعة تحت الحمراء غير المنظورة في الطيف الضوئي؛ إذ يشع الهدف ذاته الإشعاع الحراري الذي يستخدم لتكثيف صورته، وذلك في كل الحالات تقريباً، وهذا الإشعاع الحراري يستخدم لتكثيف صورة الهدف، انطلاقاً من تردد إشعاعي ضمن نافذتين Windows، الأولى ما بين 3 إلى 5 ميكرون، والثانية ما بين 8 - 13 ميكرون، وذلك ضمن النطاق الترددي لهذا النوع من الإشعاع. وتعمل أجهزة تكوين الصورة حرارياً بالطريقة ذاتها على كافة نطاقات الطاقة الترددية. ومثل أجهزة تكثيف الصورة Image Intensifiers، تحتوى أجهزة تكوين الصورة حرارياً Thermal Image’s على عدسات شيئية Objective Lenses تجمع الإشعاعات الداخلة إليها على ألواح حساسة. ولكن في حالة أجهزة تكوين الصورة، حرارياً، تصنع "العدسات اللامة" من مواد شبه موصلة لا تمرر الأشعة الضوئية المرئية، بينما هي شفافة للإشعاعات الحرارية، كما أن المجسات المرتبة نسقياً، هي حساسة للطاقة الحرارية وليس للطاقة الضوئية.

ب. التطور في وسائل الكشف والتصوير الحراري

سوف تشمل ثلاث نقاط رئيسية هي:

(1) زيادة مدى الكشف والتصوير بإنتاج كواشف حرارية ذات درجة حساسية عالية.

(2) زيادة مجال الرؤية للمستشعرات الحرارية، باستخدام أكثر من كاشف حراري، لتغطية مجال رؤية كبير لحظياً.
(3) زيادة الدقة في التصوير الحراري للأهداف، باستغلال التقدم المنتظر في المعالجة الحرارية للصور الملتقطة باستخدام الحاسبات الآلية المتطورة في عمليات الصور الحرارية الرقمية Digital Image Processing .


5. التطور في النظم الضوئية والحرارية

لتحقيق نُظُم رؤية جيدة للأهداف المعادية طورت نظريتان رئيسيتان في هذا الإطار وهما: تكثيف وضوح الصورة، وتكوين الصور حرارياً. 


أمّا جهاز تكوين الصورة، حرارياً، فيعمل، كما هو معلوم، ضمن النطاق الإشعاعي الخاص بالأشعة تحت الحمراء.




أ. أنظمة الجيل الأول
تستخدم أنظمة الجيل الأول، عادة، أنابيب في ثلاث مجموعات لكل منها "كاثود ضوئي" Photo Cathode يتركز عليه الضوء، يوجد خلفه حيز مفرغ تنطلق فيه الإلكترونات التي تنبعث من "الكاثود الضوئي"، وتسرع بضغط فرق جهد كهربائي Voltage في اتجاه شاشة فوسفورية؛ إذ تصطدم بها مما يجعل اللوحة تشع Fluoresce، ولكن الصورة المكونة على الشاشة لا تعكس ضوءاً كافيا لتصبح مرئية، ولذلك يتم تكرار هذه العملية في الكاثودات الضوئية المتتالية داخل النظام إلى أن تصبح الصورة مرئية.

ب. أنظمة الجيل الثاني

يستخدم الجيل الثاني من هذه النُظُم قناة الأنابيب المسطحة Channel Flate Tubes، التي تؤدي إلى تكثيف ضوئي أكبر بكثير من تقنية الجيل الذي قبله، بالنسبة لمرحلة تكثيف واحدة. وتعمل هذه الأنابيب طبقاً لظاهرة الإشعاع الثانوي الذي يتولد من جراء طلاء الأنابيب المفرغة بمواد شبه موصلة أو بصنع الأنابيب ذاتها من زجاج شبه موصل.

وحين تتسارع الإلكترونات عبر الأنبوب القناة بفعل فرق الجهد المرتفع، فإنها تصطدم بجدرانه التي تصدر مزيداً من الإلكترونات الجديدة التي تتأثر بدورها بفرق الجهد الكبير الذي يسبب التسارع. وكل الإلكترونات تكون هكذا محصورة داخل الأنبوب قبيل ارتطامها بلوحة الرؤية الفوسفورية؛ إذ يصبح معامل التقوية أكثر من 20 ألف مرة على طول الأنبوب.

ج. أنظمة الجيل الثالث
أما أجهزة تكثيف الصورة من الجيل الثالث، فهي أكثر قدرة عن الجيل السابق بضعفين ونصف، وتم إنتاجها إثر توقف إنتاج نظم الجيل الثاني. والجيلان متشابهان في التصميم، إلا أنه يستخدم مركب "أرسنيد الجاليوم" Gallium في صنع نظم الجيل الثالث، وهي مادة نشطة وفعالة لجهة إصدار الإلكترونات، وتستخدم مادة نشطة في الكاثود الضوئي، ويصل معامل التقوية الضوئية إلى 500 ألف ضعف.

يوفر هذا النوع من النظم مستوى ضجيج إلكتروني منخفض من النظم السابقة مع صورة أوضح. ولا ننسى أن لها أيضاً ميزات: الحجم المناسب، وخفة الوزن، باستخدام أنابيب المذبذب WAVERS المستخدم في نظم تكثيف الصورة الحرارية. إلا أن ثمنها كبير، نظراً إلى تكاليف الإنتاج المتنامية، والعائدة بشكل أساسي إلى استخدام المواد ذات الإشعاع الإلكتروني المكثف الحديثة، شبه الموصلة. وإنتاج هذه النظم من كل فئاتها يتطلب محيطاً في غاية النظافة، خاصة بالنسبة إلى نُظُم الجيل الثالث، مما يخفض معدل الإنتاج لدرجة لا يستهان بها. كما أن الوزن المنخفض لنظم الجيل الثالث يجعلها أكثر ملاءمة لتثبت على أغطية الرأس، بما فيها الخوذات.

6. التطور المنتظر في الأنظمة الليزرية

من المنتظر أن تتجه الأبحاث المستقبلية إلى التوسع في استخدام الليرز في رؤوس الصواريخ، على أن يتم توجيه الصواريخ في المراحل الأولى، باستخدام الرادار "توجيه راداري نصف إيجابي، ويتم التوجيه الإيجابي للصاروخ ليزرياً في المرحلة النهائية لمدى يصل حتى 20 كم. ومن المنتظر تجهيز معظم طائرات القتال والطائرات العمودية بالليزر خلال المرحلة القادمة، إضافة إلى استخدام الليزر في توجيه الأسلحة المضادة للدبابات.

ومن الأنظمة المتطورة كذلك، القنبلة الإسرائيلية الصنع "جيلوتن" الموجهة بالليزر، التي يمكن إسقاطها من ارتفاع 40 ألف قدم، ومن مسافة حتى 30 كم، والقنبلة ذات قدرة تدميرية عالية؛ إذ إن نظام التوجيه الخاص بها يحقق زاوية حتى 45 درجة عند إصابتها للهدف.