لافتـــــات
للشاعر أحمد مطر
قل لنا يا ببغاء..
إن يكن فيك ذكاء
لم لا تخجل من ترديد ما تسمعه
صبح مساء
- لست إلا طائراً في قفص
لا أرض من تحتي، ولا فوقي سماء.
أنا محكوم بقانون التدلي في الهواء.
ليس لي أي عزاء
غير أن أجعل صوتي
معبراً لي فوق موتي..
أمنح السجان ما شاء
وأجني ما أشاء.
أنا أعطيه هراء
وهو يعطيني غذاء
وأنا أهجوه - في تقليده-
أقسى الهجاء
إذ أنا أفقه ما قال
ولا يفقه من قولي أنا..
حرف هجاء!
هل يحق، الآن،
أن أسألكم يا هؤلاء:
إن يكن فيكم إباء
أو قليل من حياء
أو بقايا كبرياء
ما لكم مثلي
تعيدون هراء المستبدين..
وأنتم طلقاء؟!
أمير المخبرين
تهت عن بيت صديقي، فسألت العابرين،
قيل لي امش يسارا، سترى خلفك بعض المخبرين،
حد لدى أولهم، سوف تلاقي مخبرا يعمل في نصب كمين،
اتجه للمخبرالبادي، أمام المخبر الكامن،
واحسب سبعة، ثم توقف،
تجد البيت وراء المخبرالثامن في أقصى اليمين؛
سلم الله أمير المخبرين،
فلقد أتخم بالأمن بلاد المسلمين،
أيها الناس اطمئنوا، هذه أبوابكم محروسة في كل حين،
فادخلوها بسلام آمنين!
جاهلية
في زمان الجاهلية
كانت الأصنام من تمر،
وإن جاع العباد،
فلهم من جثة المعبود زاد؛
وبعصر المدنية،
صارت الأصنام تأتينا من الغرب
ولكن بثياب عربية،
تعبد الله على حرف، وتدعو للجهاد
وتسب الوثنية،
وإذا ما استفحلت،تأكل خيرات البلاد،
وتحلي بالعباد؛
رحم الله زمان الجاهلية!
بطولة
هذه خمسة أبيات كخمسين مقال،
هي أقصى ما يقال،
والذي يسأل عن معنى سطوري،
يجد المعنى مذابا في السؤال،
قال أمسكت بلص يا رجال،
قيل أحضره، فقال حمله يهلكني،
قيل دعه وتعال،
قال حاولت ولكن هو لا يتركني!
حجة سخيفة
بيني وبين قاتلي حكاية طريفة،
فقبل أن يطعنني حلفني بالكعبة الشريفة،
أن أطعن السيف أنا بجثتي،
فهو عجوز طاعن وكفه ضعيفة،
حلفني أن أحبس الدماء عن ثيابه النظيفة،
فهو عجوز مؤمن سوف يصلي بعدما
يفرغ من تأدية الوظيفة،
شكوته لحضرة الخليفة،
فرد شكواي لأن حجتي سخيفة.
منفيون
لمن نشكو مآسينا؟
ومن يصغي لشكوانا، ويجدينا؟
أنشكو موتنا ذلا لوالينا؟
وهل موت سيحيينا؟
قطيع نحن والجزار راعينا؛
ومنفيون نمشي في أراضينا؛
ونحمل نعشنا قسرا بأيدينا؛
ونعرب عن تعازينا لنا فينا؛
فوالينا،أدام الله والينا،
رآنا أمة وسطا، فما أبقى لنا دنيا،
ولا أبقى لنا دينا؛
ولاة الأمر : ما خنتم، ولا هنتم،
ولا أبديتم اللينا،
جزاكم ربنا خيرا، كفيتم أرضنا بلوى أعادينا،
وحققتم أمانينا،
وهذي القدس تشكركم،
ففي تنديدكم حينا،
وفي تهديدكم حينا،
سحبتم أنف أمريكا،
فلم تنقل سفارتها،
ولو نقلت - معاذ الله لو نقلت - لضيعنا فلسطينا؛
ولاة الأمر هذا النصر يكفيكم، ويكفينا،
تهانينا!
قلة أدب
قرأت في القرآن: "تبت يدا أبي لهب"،
فأعلنت وسائل الإذعان:
"إن السكوت من ذهب"
أحببت فقري، لم أزل أتلو: "وتب"،
"ما أغنى عنه ماله وما كسب"
فصودرت حنجرتي بجرم قلة الأدب،
وصودر القرآن، لأنه حرضني على الشغب.
احتمالات
ربما الماء يروب،
ربما الزيت يذوب،
ربما يحمل ماء في ثقوب،
ربما الزاني يتوب،
ربما تطلع شمس الضحى من صوب الغروب،
ربما يبرأ شيطان، فيعفو عنه غفارالذنوب،
إنما لا يبرأ الحكام في كل بلاد العرب من ذنب الشعوب.
عقوبات شرعية
بتر الوالي لساني
عندما غنيت شعري
دون أن أطلب ترخيصا بترديد الأغاني؛
بتر الوالي يدي
لما رآني في كتاباتي أرسلت أغانيّ إلى كل مكان؛
وضع الوالي على رجلي قيدا
إذ رآني بين كل الناس أمشي دون كفي ولساني،
صامتا أشكو هواني؛
أمر الوالي بإعدامي عندما لم أصفق عندما مرّ،
ولم أهتف،
ولم أبرح مكاني.
الخلاصة
أنا لا أدعو
إلى غير السراط المستقيم…
أنا لا أهجو
سوى كل عُتلٍ و زنيم…
و أنا أرفض أن
تصبح أرض الله غابة
و أرى فيها العصابة
تتمطى وسط جنات النعيم
و ضعاف الخلق في قعر الجحيم…
هكذا أبدع فنّي
غير أني
كلما أطلقت حرفاً
أطلق الوالي كلابه
آه لو لم يحفظ الله كتابه
لتولته الرقابة
و محت كلّ كلامٍ
يغضب الوالي الرجيم…
و لأمسى مجمل الذكر الحكيم…
خمسُ كلماتٍ
كما يسمح قانون الكتابة
هي:
(قرآن كريم..
صدق الله العظيم)
الرجل المناسب
باسم والينا المبجّل…
قرروا شنق الذي اغتال أخي
لكنه كان قصيراً
فمضى الجلاد يسأل…:
رأسه لا يصل الحبل
فماذا سوف أفعل ؟…
بعد تفكير عميق
أمر الوالي بشنقي بدلاً منه
لأني كنت أطول…